الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْمَنْعَ بِمَا إِذَا قَصَدَ تَعْظِيمَ الْكَنِيسَةِ. فَأَمَّا إِذَا قَصَدَ انْتِفَاعَ الْمُقِيمِينَ أَوِ الْمُجَاوِرِينَ بِضَوْئِهَا، فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ، كَمَا لَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ.
وَإِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِمُعَيَّنٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُتَصَوَّرَ لَهُ الْمُلْكُ. وَيَتَعَلَّقُ بِهَذَا الضَّبْطِ مَسَائِلُ. إِحْدَاهَا: الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ جَائِزَةٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ، فَإِنْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لِحَمْلِ فُلَانَةَ، أَوْ لِحَمْلِ فُلَانَةَ الْمَوْجُودِ الْآنَ، فَلَا بُدَّ لِنُفُوذِهَا مِنْ شَرْطَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُعْلَمَ وُجُودُهُ حَالَ الْوَصِيَّةِ، بِأَنْ يَنْفَصِلَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَلَوِ انْفَصَلَ لِسِتَّةٍ فَصَاعِدًا نُظِرَ إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ فِرَاشًا لِزَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا، بَلْ فَارَقَهَا مُسْتَفْرِشُهَا قَبْلَ الْوَصِيَّةِ. فَإِنْ كَانَ الِانْفِصَالُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا. وَإِنِ انْفَصَلَ لِدُونِ ذَلِكَ، فَقَوْلَانِ، وَقِيلَ: وَجْهَانِ: أَظْهَرُهُمَا: أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُجُودُهُ. وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لِحَمْلِ فُلَانَةَ مِنْ زَيْدٍ اشْتُرِطَ مَعَ ذَلِكَ ثُبُوتُ نَسَبِهِ مِنْ زَيْدٍ، حَتَّى لَوْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بَعْدَ زَوَالِ الْفِرَاشِ، فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لَأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ الْفِرَاقِ، وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْوَصِيَّةِ، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا ; لِأَنَّ النَّسَبَ غَيْرُ ثَابِتٍ مِنْهُ. وَلَوِ اقْتَضَى الْحَالُ ثُبُوتَ نَسَبِهِ مِنْ زَيْدٍ، فَنَفَاهُ بِاللِّعَانِ، فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ وَالْجُمْهُورُ: لَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ. وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَاخْتَارَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: يَسْتَحِقُّ ; لِأَنَّ النَّسَبَ كَانَ ثَابِتًا، وَاللِّعَانُ إِنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي حَقِّ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ أَوْصَى لَحَمْلِ أَمَةٍ مِنْ سَيِّدِهَا، فَادَّعَى سَيِّدُهَا الِاسْتِبْرَاءَ، وَرَأَيْنَاهُ نَافِيًا لِلنَّسَبِ.