أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، كَمَا لَوْ شَهِدَ بِمِلْكِ دَارٍ، أَوْ ثَوْبٍ، وَغَيْرِهِمَا، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمُزَنِيِّ، وَهُوَ نَصُّهُ فِي الدَّعَاوَى، وَفِي الْقَدِيمِ. وَالثَّانِي: لَا، لِاحْتِمَالِ اعْتِمَادِ الشَّاهِدِ ظَاهِرِ الْيَدِ، وَيَكُونُ يَدَ الْتِقَاطٍ. وَإِذَا احْتَمَلَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ اللَّقِيطَ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ بِظَاهِرِ الدَّارِ، لَمْ يَزُلْ ذَلِكَ إِلَّا بِيَقِينٍ، وَأَمْرُ الرِّقِّ خَطَرٌ، وَهَذَا نَصُّهُ [هُنَا] ، وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَالْبَغَوِيِّ، وَالرُّويَانِيِّ، وَآخَرِينَ، وَرَجَّحَ ابْنُ كَجٍّ، وَأَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ الْأَوَّلَ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ مِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ قَطَعَ بِهِ، وَحُمِلَ نَصُّهُ هُنَا عَلَى الِاحْتِيَاطِ، وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ بِمُطْلَقِ الْمِلْكِ لَيْسَتْ بِأَقَلَّ مِنْ دَعْوَى غَيْرِ الْمُلْتَقِطِ رِقَّ الصَّغِيرِ فِي يَدِهِ.
قُلْتُ: كُلٌّ مِنَ التَّرْجِيحَيْنِ ظَاهِرٌ، وَقَدْ رَجَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي «الْمُحَرَّرِ» الثَّانِيَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الْمُلْتَقِطُ، أَوْ غَيْرُهُ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْجُمْهُورُ. وَذَكَرَ الْإِمَامُ كَلَامًا يَتَخَرَّجُ مِنْهُ، وَمِمَّا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ قَوْلُ: أَنَّ الْبَيِّنَةَ الْمُطْلَقَةَ تَكْفِي فِي غَيْرِ الْمُلْتَقِطِ، وَلَا تَكْفِي فِيهِ. وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ. وَإِذَا قُلْنَا: لَمْ يُكْتَفَ بِالْبَيِّنَةِ الْمُطْلَقَةِ، شَرَطْنَا تَعَرُّضَ الشُّهُودِ لِسَبَبِ الْمِلْكِ مِنَ الْإِرْثِ، أَوِ الثَّرَاءِ، أَوْ الِالْتِهَابِ وَنَحْوِهَا. وَمِنَ الْأَسْبَابِ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ مَمْلُوكًا لَهُ. فَإِنِ اقْتَصَرُوا عَلَى أَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ، أَوْ أَنَّهُ وَلَدُ أَمَتِهِ، فَطَرِيقَانِ. قَالَ الْجُمْهُورُ: قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: يَكْفِي. وَالثَّانِي: لَا. وَقِيلَ: يَكْفِي قَطْعًا، وَهُوَ نَصُّهُ هُنَا. وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ مِلْكُهُ وَلَدَتْهُ مَمْلُوكَتُهُ قَالَ الْبَغَوِيُّ: يَكْفِي قَطْعًا، وَهُوَ نَصُّهُ هُنَا. وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ مِلْكُهُ وَلَدَتْهُ مَمْلُوكَتُهُ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: يَكْفِي قَطْعًا، وَإِنْ شَهِدُوا بِأَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ، قَالَ الْأَصْحَابُ: يَكْفِي قَطْعًا. وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا يُكْتَفَى بِهِ تَفْرِيعًا عَلَى وُجُوبِ التَّعَرُّضِ لِسَبَبِ الْمِلْكِ، فَقَدْ تَلِدُ فِي مِلْكِهِ حُرًّا بِالشُّبْهَةِ، وَفِي نِكَاحِ الْغَرُورِ، وَقَدْ تَلِدُ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ بِأَنْ يُوصِيَ بِحَمْلِهَا، وَتَكُونَ الرَّقَبَةُ لِلْوَارِثِ، وَهَذَا حَقٌّ. وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ خِلَافٌ، وَيَكُونُ قَوْلُهُمْ: فِي مِلْكِهِ، مَصْرُوفًا إِلَى الْمَوْلُودِ - كَقَوْلِكَ: وَلَدَتْهُ فِي مَشِيمَةٍ -