أَوْ لَمْ نَرَ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ، يُحْبَسُ الْجَانِي إِلَى الْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ، وَإِذَا جَوَّزْنَاهُ فَأَخَذَهُ، ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ، وَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَقْتَصَّ، فَفِي تَمَكُّنِهِ وَجْهَانِ شَبِيهَانِ بِمَا لَوْ عَفَا الْوَلِيُّ عَنِ الشُّفْعَةِ لِلْمَصْلَحَةِ فَبَلَغَ وَأَرَادَ الْأَخْذَ، وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ أَخْذَ الْمَالِ عَفْوٌ كُلِّيٌّ وَإِسْقَاطٌ لِلْقِصَاصِ، أَمْ سَبَبُهُ الْحَيْلُولَةُ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ؟ وَقَدْ يُرَجَّحُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْحَيْلُولَةَ إِنَّمَا تَكُونُ إِذَا جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الْجَانِي كَإِبَاقِ الْمَغْصُوبِ.

قُلْتُ: الرَّاجِحُ الْأَوَّلُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي أَخْذِ الْأَرْشِ لِلَّقِيطِ، جَارٍ فِي كُلِّ طِفْلٍ يَلِيهِ أَبُوهُ أَوْ جَدُّهُ بِلَا فَرْقٍ. وَحَكَى الْإِمَامُ عَنْ شَيْخِهِ، أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَخْذُهُ، قَالَ: وَهَذَا حَسَنٌ إِنْ جَعَلْنَاهُ إِسْقَاطًا. وَإِنْ قُلْنَا: لِلْحَيْلُولَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ [لِلْوَصِيِّ أَيْضًا] .

الْحُكْمُ الثَّالِثُ: نَسَبُ اللَّقِيطِ، وَهُوَ كَسَائِرِ الْمَجْهُولِينَ، فَإِذَا اسْتَلْحَقَهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ، لَحِقَهُ، وَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ «الْإِقْرَارِ» مَا يَشْتَرِطُ الِاسْتِلْحَاقَ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُلْتَقِطِ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَالَ لِلْمُلْتَقِطِ: مِنْ أَيْنَ هُوَ لَكَ؟ فَرُبَّمَا تَوَهَّمَ أَنَّ الِالْتِقَاطَ يُفِيدُ النَّسَبَ. وَإِذَا أُلْحِقَ بِغَيْرِ الْمُلْتَقِطِ، سُلِّمَ إِلَيْهِ، لِأَنَّهُ أَحَقُّ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ. وَاسْتِلْحَاقُ الْكَافِرِ، كَاسْتِلْحَاقِ الْمُسْلِمِ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ، لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْجِهَاتِ الْمُثْبِتَةِ لِلنَّسَبِ. وَإِنِ اسْتَلْحَقَهُ عَبْدٌ، لَحِقَهُ إِنْ صَدَّقَهُ السَّيِّدُ، وَكَذَا إِنْ كَذَّبَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَقِيلَ: لَا يَلْحَقُ قَطْعًا. وَقِيلَ: يَلْحَقُ قَطْعًا إِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي النِّكَاحِ، وَمَضَى زَمَانُ إِمْكَانِهِ، وَإِلَّا، فَقَوْلَانِ. وَالْمَذْهَبُ: اللُّحُوقُ مُطْلَقًا، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي إِقْرَارِ الْعَبْدِ بِأَخٍ أَوْ عَمٍّ. وَقِيلَ بِالْمَنْعِ هُنَا قَطْعًا، لِأَنَّ لِظُهُورِ نَسَبِهِ طَرِيقًا آخَرَ، وَهُوَ إِقْرَارُ الْأَبِ أَوِ الْجَدِّ، وَيَجْرِي فِيمَا لَوِ اسْتَلْحَقَ حُرٌّ عَبْدَ غَيْرِهِ وَهُوَ بَالِغٌ فَصَدَّقَهُ، لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ الْإِرْثِ الْمُتَوَهَّمِ بِالْوَلَاءِ. وَقِيلَ: يَثْبُتُ هُنَا قَطْعًا، وَيَجْرِي فِيمَا لَوِ اسْتَلْحَقَ الْمُعْتَقُ غَيْرَهُ. وَالْمَنْعُ هُنَا أَبْعَدُ، لِاسْتِقْلَالِهِ بِالنِّكَاحِ وَالتَّسَرِّي. وَإِذَا صَحَّحْنَا اسْتِلْحَاقَ الْعَبْدِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015