وَتَبِعَهُ فِي الْكُفْرِ، وَارْتَفَعَ مَا كُنَّا نَظُنُّهُ. وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى مُجَرَّدِ الدَّعْوَى، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ مُسْلِمٌ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَبِهِ قَطَعَ أَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ الْأَكْثَرُونَ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ. ثَانِيهِمَا: يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ، لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ. فَإِذَا ثَبَتَ نَسَبُهُ، تَبِعَهُ فِي الدِّينِ كَمَا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ. وَحُجَّةُ الْمَذْهَبِ: أَنَّا حَكَمْنَا بِإِسْلَامِهِ، فَلَا نُغَيِّرُهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى كَافِرٍ. وَأَيْضًا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَلَدُهُ مِنْ مَسْلِمَةٍ، وَحِينَئِذٍ لَا يَتْبَعُ الدِّينُ النَّسَبَ. وَعَلَى الطَّرِيقَيْنِ، يُحَالُ بَيْنَهُمَا كَمَا ذَكَرْنَا فِيمَا إِذَا وَصَفَ الْمُمَيِّزُ الْإِسْلَامَ. ثُمَّ إِذَا بَلَغَ وَوَصَفَ الْكُفْرَ، فَإِنْ قُلْنَا: يَتْبَعُهُ فِيهِ، قُرِّرَ، لَكِنَّهُ يُهَدَّدُ، وَلَعَلَّهُ يُسْلِمُ، وَإِلَّا، فَفِي تَقْرِيرِهِ مَا سَبَقَ مِنَ الْخِلَافِ.
فَرْعٌ
سَبَقَ أَنَّ اللَّقِيطَ الْمُسْلِمَ، يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ. فَأَمَّا الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: كَذَلِكَ، إِذْ لَا وَجْهَ لِتَضْيِيعِهِ.
الْحُكْمُ الثَّانِي: جِنَايَةُ اللَّقِيطِ، وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ. أَمَّا جِنَايَتُهُ، فَإِنْ كَانَتْ خَطَأً، فَمُوجَبُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَلَا نُخَرِّجُ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ فِي التَّوَقُّفِ، كَمَا لَا نَتَوَقَّفُ فِي صَرْفِ تَرِكَتِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ. وَإِنْ كَانَتْ عَمْدًا، نُظِرَ، إِنْ كَانَ بَالِغًا، فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ بِشَرْطِهِ. وَإِنْ جَنَى قَبْلَ الْبُلُوغِ، فَإِنْ قُلْنَا: عَمْدُ الصَّبِيِّ عَمْدٌ، وَجَبَتِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً فِي مَالِهِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، فَفِي ذِمَّتِهِ إِلَى أَنْ يَجِدَ. وَإِنْ قُلْنَا: خَطَأٌ، وَجَبَتْ مُخَفَّفَةً فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَلَوْ أَتْلَفَ مَالًا، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ اللَّقِيطُ مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ، فَالتَّرِكَةُ فَيْءٌ، وَلَا تَكُونُ جِنَايَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَأَمَّا الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَتْ خَطَأً، نُظِرَ، إِنْ كَانَتْ عَلَى نَفْسِهِ، أُخِذَتِ الدِّيَةُ وَوُضِعَتْ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَقِيَاسُ مَنْ قَالَ بِالتَّوَقُّفِ فِي أَحْكَامِهِ: أَنْ لَا يُوجِبَ الدِّيَةَ الْكَامِلَةَ، وَلَمْ أَرَهُ.