وَشَذَّ صَاحِبُ «الْمُهَذَّبِ» فَذَكَرَ فِي كِتَابِ السِّيَرِ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ وَجْهَيْنِ، وَزَعَمَ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِهِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرْتُهُ تَنْبِيهًا عَلَى ضَعْفِهِ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَلَوْ سَبَاهُ ذِمِّيٌّ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا، لِأَنَّ كَوْنَهُ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ وَلَا فِي أَوْلَادِهِ، فَغَيْرُهُ أَوْلَى. فَعَلَى هَذَا، لَوْ بَاعَهُ الذِّمِّيُّ لِمُسْلِمٍ، لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ. وَلَوْ سُبِيَ وَمَعَهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ، لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ قَطْعًا. فَلَوْ كَانَا مَعَهُ ثُمَّ مَاتَا، لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ أَيْضًا، لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ إِنَّمَا تَثْبُتُ فِي ابْتِدَاءِ السَّبْيِ.
قُلْتُ: مَعْنَى «سُبِيَ مَعَهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ» ، أَنْ يَكُونَا فِي جَيْشٍ وَاحِدٍ وَغَنِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا فِي مِلْكِ رَجُلٍ. قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي كِتَابِ «الظِّهَارِ» : إِذَا سَبَاهُ مُسْلِمٌ، وَسَبَى أَبَوَيْهِ غَيْرُهُ، إِنْ كَانَ فِي عَسْكَرٍ وَاحِدٍ، تَبِعَ أَبَوَيْهِ. وَإِنْ كَانَ فِي عَسْكَرَيْنِ، تَبِعَ السَّابِيَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
حُكْمُ الصَّبِيِّ الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلسَّابِي إِذَا بَلَغَ، حُكْمُ الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِأَبَوَيْهِ إِذَا بَلَغَ.
فَرْعٌ
الْمَحْكُومُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِأَبِيهِ، أَوْ لِلسَّابِي إِذَا وَصَفَ الْكُفْرَ، فَإِنْ جَعَلْنَاهُ كَافِرًا أَصْلِيًّا،