وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْخِصَالِ الثَّلَاثِ مَسَائِلُ:
إِحْدَاهَا: إِذَا أَمْسَكَهَا وَتَبَرَّعَ بِالْإِنْفَاقِ، فَذَاكَ. وَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ، فَلْيُنْفِقْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا، أَشْهَدَ كَمَا سَبَقَ فِي نَظَائِرِهِ.
الثَّانِيَةُ: إِذَا أَرَادَ الْبَيْعَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا، اسْتَقَلَّ بِهِ. وَإِنْ وَجَدَهُ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجِبُ اسْتِئْذَانُهُ. وَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُ جُزْءٍ مِنْهَا لِنَفَقَةِ بَاقِيهَا؟ قَالَ الْإِمَامُ: نَعَمْ، كَمَا تُبَاعُ جَمِيعُهَا. وَحَكَى عَنْ شَيْخِهِ احْتِمَالًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى أَنْ تَأْكُلَ نَفْسَهَا، وَبِهَذَا قَطَعَ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ، قَالَ: وَلَا يَسْتَقْرِضُ عَلَى الْمَالِكِ أَيْضًا، لِهَذَا الْمَعْنَى، لَكِنَّهُ يُخَالِفُ مَا سَبَقَ فِي هَرَبِ الْجِمَالِ وَنَحْوِهِ.
قُلْتُ: الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَرَبِ الْجِمَالِ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ هُنَاكَ لَا يُمْكِنُ الْبَيْعُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ، وَهُنَا يُمْكِنُ، فَلَا يَجُوزُ الْإِضْرَارُ بِمَالِكِهَا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
مَتَّى حَصَلَتِ الضَّالَّةُ فِي يَدِ الْحَاكِمِ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ حِمًى، سَرَّحَهَا فِيهِ وَوَسَمَهَا بِسِمَةِ الضَّوَالِّ، وَيَسِمُ نِتَاجَهَا أَيْضًا. وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ، فَالْقَوْلُ فِي بَيْعِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا لِلنَّفَقَةِ عَلَى مَا سَبَقَ، لَكِنْ لَوْ تَوَقَّعَ مَجِيءَ الْمَالِكِ فِي طَلَبِهَا عَلَى قُرْبٍ، بِأَنْ عَرَفَ أَنَّهَا مِنْ نَعَمِ بَنِي فُلَانٍ، تَأَنَّى أَيَّامًا كَمَا يَرَاهُ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: الْآدَمِيُّ، فَإِذَا وَجَدَ رَقِيقًا مُمَيِّزًا، وَالزَّمَانُ آمِنٌ، لَمْ يَأْخُذْهُ، لِأَنَّهُ يُسْتَدَلُّ عَلَى سَيِّدِهِ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ، أَوْ مُمَيَّزًا فِي زَمَنِ نَهْبٍ، جَازَ أَخْذُهُ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ. ثُمَّ يَجُوزُ تَمَلُّكُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ الَّتِي لَا تَحِلُّ كَالْمَجُوسِيَّةِ، وَالْمَحْرَمِ. وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِلُّ، فَعَلَى قَوْلَيْنِ كَالِاسْتِقْرَاضِ. فَإِنْ مَنَعْنَاهُ، لَمْ يَجِبِ التَّعْرِيفُ، كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ. وَيُنْفِقُ عَلَى الرَّقِيقِ مُدَّةَ الْحِفْظِ مِنْ كَسْبِهِ، وَمَا بَقِيَ مِنَ الْكَسْبِ