وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهِيَ الْمُطْلَقَةُ، فَيَنْظُرُ، إِنْ وَهَبَ الْأَعْلَى لِلْأَدْنَى، فَلَا ثَوَابَ، وَفِي عَكْسِهِ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: لَا ثَوَابَ. وَالثَّانِي: يَجِبُ الثَّوَابُ، فَعَلَى هَذَا، هَلْ [هُوَ] قَدْرُ قِيمَةِ الْمَوْهُوبِ، أَمْ مَا يَرْضَى بِهِ الْوَاهِبُ، أَمْ مَا يُعَدُّ ثَوَابًا لِمِثْلِهِ فِي الْعَادَةِ، أَمْ يَكْفِي مَا يَتَمَوَّلُ؟ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ. وَقِيلَ: أَقْوَالٍ. أَصَحُّهَا: أَوَّلُهَا، وَالْخِيَارُ فِي جِنْسِهِ إِلَى الْمُتَّهِبِ. فَعَلَى الْأَصَحِّ، لَوِ اخْتَلَفَ قَدْرُ الْقِيمَةِ، فَالِاعْتِبَارُ بِقِيمَةِ يَوْمِ الْقَبْضِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: بِيَوْمِ بَذْلِ الثَّوَابِ. ثُمَّ إِنْ لَمْ يَثِبْ مَا يَصْلُحُ ثَوَابًا، فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ إِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ بِحَالِهِ.
قُلْتُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَا يُجْبَرُ الْمُتَّهِبُ عَلَى الثَّوَابِ قَطْعًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ زَادَ زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً، رَجَعَ فِيهِ دُونَهَا. وَإِنْ زَادَ مُتَّصِلَةً، رَجَعَ فِيهِ مَعَهَا عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: لِلْمُتَّهِبِ إِمْسَاكُهُ وَبَذْلُ قِيمَتِهِ بِلَا زِيَادَةٍ. وَإِنْ كَانَ تَالِفًا، فَوَجْهَانِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ مَنْصُوصَانِ فِي الْقَدِيمِ. أَصَحُّهُمَا: يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ. وَالثَّانِي: لَا شَيْءَ لَهُ كَالْأَبِ فِي هِبَةِ وَلَدِهِ. وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا، رَجَعَ فِيهِ. وَفِي تَغْرِيمِهِ الْمُتَّهِبَ أَرْشَ النُّقْصَانِ الْوَجْهَانِ. وَقِيلَ: لَهُ تَرْكُ الْعَيْنِ وَالْمُطَالَبَةُ بِكَمَالِ الْقِيمَةِ.
قُلْتُ: وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً قَدْ وَطِئَهَا الْمُتَّهِبُ، رَجَعَ الْوَاهِبُ فِيهَا، وَلَا مَهْرَ عَلَى الْمُتَّهِبِ، لِأَنَّهُ وَطِئَ مِلْكَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا إِذَا وَهَبَ لِنَظِيرِهِ، فَالْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِأَنْ لَا ثَوَابَ. وَقِيلَ: فِيهِ الْقَوْلَانِ. وَعَنْ صَاحِبِ «التَّقْرِيبِ» طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ فِي هِبَةِ الْأَعْلَى لِلْأَدْنَى، وَهُوَ شَاذٌّ.
قُلْتُ: وَحَكَى صَاحِبُ «الْإِبَانَةِ» ، وَ «الْبَيَانِ» وَجْهًا أَنَّهُ إِذَا وَهَبَ لِنَظِيرِهِ وَنَوَى الثَّوَابَ،