مَا عَيَّنَهُ لِمَا رَأَى بِهِ مِنَ الشَّعَثِ، وَالْوَسَخِ، أَوْ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ مَكْشُوفُ الرَّأْسِ، لَمْ يَجُزْ صَرْفُهُ إِلَى غَيْرِ مَا عَيَّنَهُ.

قُلْتُ: وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي «الْفَتَاوَى» : وَهَلْ يَتَعَيَّنُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. وَقَالَ: وَلَوْ طَلَبَ الشَّاهِدُ مَرْكُوبًا لِيَرْكَبَهُ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ، فَأَعْطَاهُ دَرَاهِمَ لِيَصْرِفَهَا إِلَى مَرْكُوبٍ، هَلْ لَهُ صَرْفُهَا إِلَى جِهَةٍ أُخْرَى؟ وَجْهَانِ. الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ، مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ. قَالَ الْقَاضِي: وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُكَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِشَرْطِ أَنَّكَ تَشْتَرِي بِهَا خُبْزًا لِتَأْكُلَهُ، لَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُطْلِقْ لَهُ التَّصَرُّفَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْعَاشِرَةُ: سُئِلَ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ مَاتَ أَبُوهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَجُلٌ ثَوْبًا لِيُكَفِّنَهُ فِيهِ، هَلْ يَمْلِكُهُ حَتَّى يُمْسِكَهُ، وَيُكَفِّنَهُ فِي غَيْرِهِ؟ فَقَالَ: إِنْ كَانَ الْمَيِّتُ مِمَّنْ يُتَبَرَّكُ بِتَكْفِينِهِ لَفِقْهٍ وَوَرَعٍ، فَلَا، وَلَوْ كَفَّنَهُ فِي غَيْرِهِ وَجَبَ رَدُّهُ إِلَى مَالِكِهِ.

الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: فِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ: أَنَّ خَادِمَ الصُّوفِيَّةِ الَّذِي يَتَرَدَّدُ فِي السُّوقِ وَيَجْمَعُ لَهُمْ شَيْئًا يَأْكُلُونَهُ، يَمْلِكُهُ الْخَادِمُ، وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّرْفُ إِلَيْهِمْ، إِلَّا أَنَّ الْمُرُوءَةَ تَقْتَضِي الْوَفَاءَ بِمَا تَصَدَّى لَهُ، وَلَوْ لَمْ يَفِ، فَلَهُمْ مَنْعُهُ مِنْ أَنْ يُظْهِرَ الْجَمْعَ لَهُمْ، وَالْإِنْفَاقَ عَلَيْهِمْ. وَإِنَّمَا مَلَكَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَلِيٍّ وَلَا وَكِيلٍ عَنْهُمْ، بِخِلَافِ هَدَايَا الْخِتَانِ.

قُلْتُ: وَمِنْ مَسَائِلِ الْفَصْلِ، أَنَّ قَبُولَ الْهَدَايَا الَّتِي يَجِيءُ بِهَا الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ، جَائِزٌ بِاتِّفَاقِهِمْ، وَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ قَبُولُ هَدِيَّةِ الْكَافِرِ، وَأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْعُمَّالِ وَأَهْلِ الْوِلَايَاتِ قَبُولُ هَدِيَّةٍ مِنْ رَعَايَاهُمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015