وَلَا يُشْتَرَطُ حُصُولُ الْمَنْفَعَةِ وَالْفَائِدَةِ فِي الْحَالِ، بَلْ يَجُوزُ وَقْفُ الْعَبْدِ وَالْجَحْشِ الصَّغِيرَيْنِ، وَالزَّمِنِ الَّذِي يُرْجَى زَوَالُ زَمَانَتِهِ، كَمَا يَجُوزُ نِكَاحُ الرَّضِيعَةِ.
الثَّالِثَةُ: لَا يَصِحُّ وَقْفُ الْحُرِّ نَفْسَهُ، لِأَنَّ رَقَبَتَهُ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ، وَكَذَلِكَ مَالِكُ مَنَافِعِ الْأَمْوَالِ دُونَ رِقَابِهَا، لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ إِيَّاهَا، سَوَاءٌ مُلِّكَ مُؤَقَّتًا، كَالْمُسْتَأْجِرِ، أَمْ مُؤَبَّدًا، كَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ.
الرَّابِعَةُ: لَا يَصِحُّ وَقْفُ أَمِّ الْوَلَدِ عَلَى الْأَصَحِّ. فَإِنْ صَحَّحْنَا فَمَاتَ السَّيِّدُ، عَتِقَتْ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ، بَلْ تَبْقَى مَنَافِعُهَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ أَجَّرَهَا وَمَاتَ. وَقَالَ الْإِمَامُ: تَبْطُلُ، لِأَنَّ الْحَرِيَّةَ تُنَافِي الْوَقْفَ، بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ، وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ كَجٍّ، وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي صِحَّةِ وَقْفِ الْمُكَاتَبِ، وَيَصِحُّ وَقْفُ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ. فَإِذَا وُجِدَتِ الصِّفَةُ، فَإِنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ فِي الْوَقْفِ لِلْوَاقِفِ، أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى، عَتِقَ وَبَطَلَ الْوَقْفُ. وَإِنْ قُلْنَا: لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، لَمْ يَعْتِقْ وَيَبْقَى الْوَقْفُ بِحَالِهِ.
وَيَجُوزُ وَقْفُ الْمُدَبَّرِ، ثُمَّ هُوَ رُجُوعٌ إِنْ قُلْنَا: التَّدْبِيرُ وَصِيَّةٌ، فَإِنْ قُلْنَا: تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ، فَهُوَ كَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ.
الْخَامِسَةُ: لَا يَصِحُّ وَقْفُ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ قَطْعًا، لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ.
السَّادِسَةُ: فِي وَقْفِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَجْهَانِ، كَإِجَارَتِهِمَا، إِنْ جَوَّزْنَاهَا، صَحَّ الْوَقْفُ لِتُكْرَى، وَيَصِحُّ وَقْفُ الْحُلِيِّ لِغَرَضِ اللُّبْسِ. وَحَكَى الْإِمَامُ أَنَّهُمْ أَلْحَقُوا الدَّرَاهِمَ لِيُصَاغَ مِنْهَا الْحُلِيُّ بِوَقْفِ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ، وَتَرَدَّدَ هُوَ فِيهِ.
السَّابِعَةُ: لَا يَصِحُّ وَقْفُ مَا لَا يَدُومُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، كَالْمَطْعُومِ وَالرَّيَاحِينِ الْمَشْمُومَةِ، لِسُرْعَةِ فَسَادِهَا.
الثَّامِنَةُ: وَقَفَ ثَوْبًا أَوْ عَبْدًا فِي الذِّمَّةِ، لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا فِي الذِّمَّةِ. وَلَوْ وَقَفَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الصَّحِيحِ كَالْبَيْعِ. وَقِيلَ: يَصِحُّ كَالْعِتْقِ.
التَّاسِعَةُ: يَجُوزُ وَقْفُ عُلُوِّ الدَّارِ دُونَ سُفْلِهَا.