فَرْعٌ

الَّذِينَ يَسْقُونَ أَرْضَهُمْ مِنَ الْأَوْدِيَةِ الْمُبَاحَةِ، لَوْ تَرَاضَوْا بِمُهَايَأَةٍ، وَجَعَلُوا لِلْأَوَّلِينَ أَيَّامًا، وَلِلْآخَرِينَ أَيَّامًا، فَهَذِهِ مُسَامَحَةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ بِتَقَدُّمِ الْآخَرِينَ، وَلَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ وَالظَّاهِرُ: أَنَّ مَنْ رَجَعَ مِنَ الْأَوَّلِينَ، مُكِّنَ مِنْ سَقْيِ أَرْضِهِ.

فَصْلٌ

فِي بَيْعِ الْمَاءِ

أَمَّا الْمُحْرِزُ فِي إِنَاءٍ أَوْ حَوْضٍ، فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَدْ سَبَقَ فِيهِ الْوَجْهُ، وَلْيَكُنْ عُمْقُ الْحَوْضِ مَعْلُومًا، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَاءِ الْبِئْرِ وَالْقَنَاةِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَيَزِيدُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَيَخْتَلِطُ فَيَتَعَذَّرُ التَّسْلِيمُ. وَإِنْ بَاعَ مِنْهُ آصُعًا، فَإِنْ كَانَ جَارِيًا، لَمْ يَصِحَّ، إِذْ لَا يُمْكِنُ رَبْطُ الْعَقْدِ بِمِقْدَارٍ. وَإِنْ كَانَ رَاكِدًا وَقُلْنَا: إِنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ، لَمْ يَصِحَّ. وَإِنْ قُلْنَا: مَمْلُوكٌ، فَقَالَ الْقَفَّالُ: لَا يَصِحُّ أَيْضًا، لِأَنَّهُ يَزِيدُ فَيَخْتَلِطُ الْمَبِيعُ. وَالْأَصَحُّ: الْجَوَازُ كَبَيْعِ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ. وَأَمَّا الزِّيَادَةُ، فَقَلِيلَةٌ، فَلَا تَضُرُّ، كَمَا لَوْ بَاعَ الْقَتَّ فِي الْأَرْضِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ، وَكَمَا لَوْ بَاعَ صَاعًا مِنْ صُبْرَةٍ وَصَبَّ عَلَيْهَا صُبْرَةً أُخْرَى، فَإِنَّ الْبَيْعَ بِحَالِهِ، وَيَبْقَى الْبَيْعُ مَا بَقِيَ صَاعٌ مِنَ الصُّبْرَةِ. وَلَوْ بَاعَ الْمَاءَ مَعَ قَرَارِهِ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ جَارِيًا فَقَالَ: بِعْتُكَ هَذِهِ الْقَنَاةَ مَعَ مَائِهَا، أَوْ إِنْ لَمْ يَكُنْ جَارِيًا وَقُلْنَا: إِنَّ الْمَاءَ لَا يُمَلَّكُ، لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِي الْمَاءِ، وَفِي الْقَرَارِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَإِلَّا، فَيَصِحُّ. وَلَوْ بَاعَ بِئْرَ الْمَاءِ وَأَطْلَقَ، أَوْ بَاعَ دَارًا فِيهَا بِئْرُ مَاءٍ، جَازَ. ثُمَّ إِنَّ قُلْنَا: يُمَلَّكُ، فَالْمَوْجُودُ حَالَ الْبَيْعِ يَبْقَى لِلْبَائِعِ، وَمَا يَحْدُثُ، لِلْمُشْتَرِي. قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ حَتَّى يُشْتَرَطَ أَنَّ الْمَاءَ الظَّاهِرَ لِلْمُشْتَرِي، لِئَلَّا يَخْتَلِطَ الْمَاءَانِ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يُمَلَّكُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015