قُلْتُ: وَإِذَا وَضَعَ النَّاسُ الْأَمْتِعَةَ وَآلَاتِ الْبِنَاءِ وَنَحْوَ ذَلِكَ فِي مَسَالِكِ الْأَسْوَاقِ وَالشَّوَارِعِ ارْتِفَاقًا لِيَنْقُلُوهَا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، مُنِعُوا مِنْهُ إِنْ أَضَرَّ بِالْمَارَّةِ إِضْرَارًا ظَاهِرًا، وَإِلَّا فَلَا، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي «الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
يَخْتَصُّ الْجَالِسُ أَيْضًا بِمَا حَوْلَهُ بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِوَضْعِ مَتَاعِهِ وَوُقُوفِ مُعَامِلِيهِ، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَقْعُدَ حَيْثُ يَمْنَعُ رُؤْيَةَ مَتَاعِهِ أَوْ وَصُولَ الْمُعَامِلِينَ إِلَيْهِ، أَوْ يُضَيِّقُ عَلَيْهِ الْكَيْلَ أَوِ الْوَزْنَ وَالْأَخْذَ وَالْعَطَاءَ.
قُلْتُ: وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ مَنْ قَعَدَ لِبَيْعِ مِثْلِ مَتَاعِهِ إِذَا لَمْ يُزَاحِمْهُ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ مِنَ الْمَرَافِقِ الْمَذْكُورَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
الْجَوَّالُ الَّذِي يَقْعُدُ كُلَّ يَوْمٍ فِي مَوْضِعٍ مِنَ السُّوقِ، يَبْطُلُ حَقُّهُ بِمُفَارَقَتِهِ.
وَأَمَّا الْمَسْجِدُ، فَالْجُلُوسُ فِيهِ يَكُونُ لِأَغْرَاضٍ.
مِنْهَا: أَنْ يَجْلِسَ لِيُقْرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ أَوِ الْحَدِيثُ أَوِ الْفِقْهُ وَنَحْوُهَا، أَوْ لِيُسْتَفْتَى. قَالَ أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادِيُّ وَالْغَزَالِيُّ: حُكْمُهُ كَمَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ، لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي مُلَازَمَتِهِ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ لِيَأْلَفَهُ النَّاسُ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: مَتَى قَامَ بَطَلَ حَقُّهُ وَكَانَ السَّابِقُ أَحَقَّ بِهِ، وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِمَأْخَذِ الْبَابِ.