وَالدَّنَانِيرِ، فَلَا، لِأَنَّ مَا لَا كُلْفَةَ فِيهِ لَا يُقَابَلُ بِالْعِوَضِ. وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَلَّنِي عَلَى مَالِي فَلَهُ كَذَا، فَدَلَّهُ مَنِ الْمَالُ فِي يَدِهِ، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، لِأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ شَرْعًا، فَلَا يَأْخُذُ عَلَيْهِ عِوَضًا. وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ غَيْرِهِ، فَدَلَّهُ عَلَيْهِ، اسْتَحَقَّ، لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ بِالْبَحْثِ عَنْهُ. وَمَا يُعْتَبَرُ فِي الْعَمَلِ لِجَوَازِ الْإِجَارَةِ، يُعْتَبَرُ فِي الْجَعَالَةِ، سِوَى كَوْنِهِ مَعْلُومًا.

قُلْتُ: فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: مَنْ أَخْبَرَنِي بِكَذَا، فَأَخْبَرَهُ بِهِ إِنْسَانٌ، فَلَا شَيْءَ لَهُ، لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى عَمَلٍ، كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الْجَعْلُ الْمَشْرُوطُ، وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا كَالْأُجْرَةِ، لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ إِلَى جَهَالَتِهِ. فَإِنْ شَرَطَ مَجْهُولًا، بِأَنْ قَالَ: مَنْ رَدَّ آبِقِي فَلَهُ ثَوْبٌ أَوْ دَابَّةٌ، أَوْ إِنْ رَدَدْتَهُ فَعَلَيَّ أَنْ أُرْضِيَكَ أَوْ أُعْطِيَكَ شَيْئًا، فَسَدَ الْعَقْدُ. وَإِذَا رَدَّ، اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَكَذَا لَوْ جُعِلَ الْجَعْلُ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا. وَلَوْ جُعِلَ الْجَعْلُ ثَوْبًا مَغْصُوبًا، قَالَ الْإِمَامُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ قَوْلَانِ كَمَا لَوْ جُعِلَ الْمَغْصُوبُ صَدَاقًا، فَيَرْجِعَ فِي قَوْلٍ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَفِي قَوْلٍ بِقِيمَةِ الْمُسَمَّى. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ الْقَطْعُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ. وَلَوْ قَالَ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ سَلْبُهُ أَوْ ثِيَابُهُ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: إِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً، أَوْ وَصَفَهَا بِمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ، اسْتَحَقَّ الرَّادُّ الْمَشْرُوطَ، وَإِلَّا، فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ. وَلَوْ قَالَ: فَلَهُ نِصْفُهُ أَوْ رُبْعُهُ، فَقَدْ صَحَّحَهُ الْمُتَوَلِّي، وَمَنَعَهُ أَبُو الْفَرَجِ السَّرَخْسِيُّ.

فَصْلٌ

لَوْ قَالَ: مَنْ رَدَّ لِي عَبْدِي مِنْ بَلَدِ كَذَا فَلَهُ دِينَارٌ، بُنِيَ عَلَى الْخِلَافِ فِي صِحَّةِ الْجَعَالَةِ فِي الْعَمَلِ الْمَعْلُومِ، فَإِنْ صَحَّحْنَاهَا، فَمَنْ رَدَّهُ مِنْ نِصْفِ الطَّرِيقِ، اسْتَحَقَّ نِصْفَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015