رَجَعَ لِأَخْذِ شَيْءٍ نَسِيَهُ رَاكِبًا، انْتَهَتِ الْإِجَارَةُ وَاسْتَقَرَّ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ، لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَا تَتَعَيَّنُ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَ الدَّابَّةَ وَأَمْسَكَهَا يَوْمًا فِي الْبَيْتِ ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا بَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَقْصِدِ يَوْمٌ، اسْتَقَرَّتِ الْأُجْرَةُ، وَلَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّكُوبُ بَعْدَهُ، وَكَذَا لَوْ ذَهَبَ فِي الطَّرِيقِ لِاسْتِقَاءِ مَاءٍ أَوْ شِرَاءِ شَيْءٍ يَمِينًا وَشِمَالًا، كَانَ مَحْسُوبًا مِنَ الْمُدَّةِ، وَيَتْرُكُ الِانْتِفَاعَ إِذَا قَرُبَ مِنَ الْمَقْصِدِ بِقَدْرِهِ.
الْعَاشِرَةُ: دَفَعَ إِلَيْهِ ثَوْبًا لِيُقَصِّرَهُ بِأُجْرَةٍ، ثُمَّ اسْتَرْجَعَهُ، فَقَالَ: لَمْ أُقَصِّرْهُ بَعْدُ، فَلَا أَرُدُّهُ، فَقَالَ صَاحِبُ الثَّوْبِ: لَا أُرِيدُ أَنْ تُقَصِّرَهُ فَارْدُدْهُ إِلَيَّ، فَلَمْ يَرُدَّ وَتَلِفَ الثَّوْبُ عِنْدَهُ، لَزِمَهُ ضَمَانُهُ. وَإِنْ قَصَّرَهُ وَرَدَّهُ، فَلَا أُجْرَةَ لَهُ، وَعَلَى هَذَا قِيَاسُ الْغَزْلِ عِنْدَ النَّسَّاجِ وَنَظَائِرِهِ.
قُلْتُ: صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ، إِذَا لَمْ يَقَعْ عَقْدٌ صَحِيحٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: اسْتَأْجَرَهُ لِيَكْتُبَ صَكًّا فِي هَذَا الْبَيَاضِ، فَكَتَبَهُ خَطَأً، فَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْكَاغَدِ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَكْتُبَ بِالْعَرَبِيَّةِ فَكَتَبَ بِالْعَجَمِيَّةِ أَوْ بِالْعَكْسِ.
قُلْتُ: وَلَا أُجْرَةَ لَهُ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي «الْفَتَاوَى» : أَنَّهُ لَوِ اسْتَأْجَرَهُ لَنَسْخِ كِتَابٍ، فَغَيَّرَ تَرْتِيبَ الْأَبْوَابِ، قَالَ: إِنْ أَمْكَنَ بِنَاءُ بَعْضِ الْمَكْتُوبِ بِأَنْ كَانَ عَشَرَةَ أَبْوَابٍ، فَكَتَبَ الْبَابَ الْأَوَّلَ آخِرًا مُنْفَصِلًا، بِحَيْثُ يُبْنَى عَلَيْهِ، اسْتَحَقَّ بِقِسْطِهِ مِنَ الْأُجْرَةِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِحَمْلِ الْحِنْطَةِ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا إِلَى دَارِهِ يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ مُتَرَدِّدًا مَرَّاتٍ، فَرَكِبَهَا فِي عَوْدِهِ، فَعَطِبَتِ الدَّابَّةُ، ضَمِنَ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا لِلْحَمْلِ لَا لِلرُّكُوبِ. وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ، لِلْعُرْفِ، ذَكَرَهُمَا الْعَبَّادِيُّ.