وَالْمَالُ نَاضٌّ وَاقْتَسَمَاهُ، حَصَلَ الِاسْتِقْرَارُ وَهُوَ نِهَايَةُ الْأَمْرِ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ قَدْرُ رَأْسِ الْمَالِ نَاضًّا، فَأَخَذَهُ الْمَالِكُ وَاقْتَسَمَا الْبَاقِيَ. وَفِي حُصُولِ الِاسْتِقْرَارِ بِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ، وَنَضُوضِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ قِسْمَةٍ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، لِلْوُثُوقِ بِحُصُولِ رَأْسِ الْمَالِ، وَالثَّانِي: لَا، لِأَنَّ الْقِسْمَةَ الْبَاقِيَةَ مِنْ تَتِمَّةِ عَمَلِ الْعَامِلِ. وَإِنْ كَانَ الْمَالُ عَرَضًا، بُنِيَ عَلَى خِلَافٍ يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فِي أَنَّ الْعَامِلَ هَلْ يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ وَالتَّنْضِيضِ؟ إِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا اسْتِقْرَارَ، إِذْ لَمْ يَتِمَّ الْعَمَلُ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، كَمَا لَوْ كَانَ نَاضًّا. وَلَوِ اقْتَسَمَا الرِّبْحَ بِالتَّرَاضِي قَبْلَ فَسْخِ الْعَقْدِ لَمْ يَحْصُلِ الِاسْتِقْرَارُ، بَلْ لَوْ حَصَلَ خُسْرَانٌ بَعْدَهُ، كَانَ عَلَى الْعَامِلِ جَبْرُهُ بِمَا أَخَذَ.
وَإِذَا قُلْنَا: لَا يَمْلِكُ إِلَّا بِالْقِسْمَةِ، فَلَهُ فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ حَتَّى يُورَثَ عَنْهُ، لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ، فَقَدْ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ التَّمَلُّكِ، وَيُقَدَّمُ عَلَى الْغُرَمَاءِ، لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالْعَيْنِ، وَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنَ الْعَمَلِ بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ، وَيَسْعَى فِي التَّنْضِيضِ لِيَأْخُذَ مِنْهُ حَقَّهُ. وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَالِكُ الْمَالَ، غَرِمَ حِصَّةَ الْعَامِلِ، وَكَانَ الْإِتْلَافُ كَالِاسْتِرْدَادِ.
فَرْعٌ
لَوْ كَانَ فِي الْمَالِ جَارِيَةٌ، لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ وَطْؤُهَا، كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَاسْتَبْعَدَ الْإِمَامُ التَّحْرِيمَ إِذَا لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ. وَإِذَا حَرَّمْنَا، فَوَطِئَ، لَمْ يَكُنْ فَسْخًا لِلْقِرَاضِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ. وَأَمَّا الْمَهْرُ، فَسَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَلَوْ وَطِئَهَا الْعَامِلُ، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ إِنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ وَكَانَ عَالِمًا، وَإِلَّا فَلَا حَدَّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَمِيعُ الْمَهْرِ وَيُجْعَلُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ. وَلَوِ اسْتَوْلَدَ، لَمْ تَصِرْ