مَالِكًا، فَهُوَ كَالْمُسْتَوْدَعِ مِنَ الْغَاصِبِ، لِأَنَّ يَدَهُ أَمَانَةٌ. وَقِيلَ: كَالْمُتَّهَبِ مِنَ الْغَاصِبِ، لِعَوْدِ النَّفْعِ إِلَيْهِ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُمَا ضَمَانًا وَقَرَارًا.
الْحُكْمُ الثَّالِثُ: مَنَعَهُ السَّفَرَ بِمَالِ الْقِرَاضِ، فَلَيْسَ لَهُ السَّفَرُ بِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَالِكِ، وَفِي قَوْلٍ: لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَمْنِ الطَّرِيقِ، نَقَلَهُ الْبُوَيْطِيُّ. فَعَلَى الْمَشْهُورِ: لَوْ سَافَرَ، ضَمِنَ الْمَالَ، ثُمَّ إِنْ كَانَ الْمَتَاعُ بِالْبَلْدَةِ الَّتِي سَافَرَ إِلَيْهَا أَكْثَرَ قِيمَةً، أَوْ تَسَاوَتِ الْقِيمَتَانِ صَحَّ الْبَيْعُ، وَاسْتَحَقَّ الرِّبْحَ بِسَبَبِ الْإِذْنِ. وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ قِيمَةً، لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ قَدْرًا يَتَغَابَنُ بِهِ. وَإِذَا صَحَّحْنَا الْبَيْعَ، فَالثَّمَنُ الَّذِي يَقْبِضُهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ إِذَا تَعَدَّى ثُمَّ بَاعَ، لَا يَضْمَنُ الثَّمَنَ الَّذِي يَقْبِضُهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهِ، وَهُنَا الْعُدْوَانُ بِالسَّفَرِ، وَهُوَ شَامِلٌ، وَلَا تَعُودُ الْأَمَانَةُ بِالْعَوْدِ مِنَ السَّفَرِ. أَمَّا إِذَا سَافَرَ بِالْإِذْنِ، فَلَا عُدْوَانَ وَلَا ضَمَانَ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَيَبِيعُ بِمَا كَانَ يَبِيعُهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يُسَاوِ إِلَّا مَا دُونَهُ، فَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ غَرَضٌ، بِأَنْ كَانَتْ مُؤْنَةُ الرَّدِّ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ النَّقْصِ، أَوْ أَمْكَنَ صَرْفُ الثَّمَنِ إِلَى مَتَاعٍ يَتَوَقَّعُ فِيهِ رِبْحًا، فَلَهُ الْبَيْعُ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، لِأَنَّهُ تَخْسِيرٌ مَحْضٌ.
قُلْتُ: وَإِذَا سَافَرَ بِالْإِذْنِ، لَمْ يَجُزْ سَفَرُهُ فِي الْبَحْرِ إِلَّا بِنَصٍّ عَلَيْهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
عَلَى الْعَامِلِ أَنْ يَتَوَلَّى مَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ نَشْرِ الثِّيَابِ وَطَيِّهَا وَذَرْعِهَا وَإِدْرَاجِهَا فِي السَّفَطِ وَإِخْرَاجِهَا وَوَزْنِ مَا يَخِفُّ كَالذَّهَبِ وَالْمِسْكِ وَالْعُودِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ وَحَمْلِهِ وَحِفْظِ الْمَتَاعِ عَلَى بَابِ الْحَانُوتِ، وَفِي السَّفَرِ بِالنَّوْمِ عَلَيْهِ وَنَحْوِهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ وَزْنُ الْأَمْتِعَةِ الثَّقِيلَةِ وَحَمَلُهَا، وَلَا نَقْلُ الْمَتَاعِ مِنَ الْخَانِ إِلَى الْحَانُوتِ وَالنِّدَاءُ عَلَيْهِ، ثُمَّ