قُلْنَا بِالثَّانِي، فَلَا شُفْعَةَ لَهُمْ أَيْضًا، وَإِلَّا فَلَهُمْ. وَلَوْ كَانَتِ الدَّارُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْمَيِّتِ وَوَرَثَتِهِ، فَبِيعَ نَصِيبُهُ أَوْ بَعْضُهُ فِي دَيْنِهِ وَوَصِيَّتِهِ، فَقَالَ الْجُمْهُورُ: لَا شُفْعَةَ. وَقَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: لَهُمُ الشُّفْعَةُ، لِأَنَّ مَا بِيعَ فِي دَيْنِهِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ فِي حَيَاتِهِ، وَهُوَ خِلَافُ مُقْتَضَى الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ، فَإِنَّهُمْ إِذَا مَلَكُوا التَّرِكَةَ صَارَ جَمِيعُ الدَّارِ لَهُمْ، فَيَكُونُ الْمَبِيعُ جُزْءًا مِنْ مِلْكِهِمْ.

فَصْلٌ

فِي الْحِيَلِ الدَّافِعَةِ لِلشُّفْعَةِ

مِنْهَا: أَنْ يَبِيعَ الشِّقْصَ بِأَضْعَافِ ثَمَنِهِ دَرَاهِمَ، وَيَأْخُذَ عَرَضًا قِيمَتُهُ مِثْلُ الثَّمَنِ الَّذِي تَرَاضَيَا عَلَيْهِ عِوَضًا عَنِ الدَّرَاهِمِ، أَوْ يَحُطَّ عَنِ الْمُشْتَرِي مَا يَزِيدُ عَلَيْهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ.

وَمِنْهَا: مَا قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ: يَشْتَرِي أَوَّلًا بَائِعُ الشِّقْصِ عَرَضًا يُسَاوِي ثَمَنَ الشِّقْصِ بِأَضْعَافِ ذَلِكَ الثَّمَنِ، ثُمَّ يُجْعَلُ الشِّقْصُ عِوَضًا عَمَّا لَزِمَهُ.

وَمِنْهَا أَنْ يَبِيعَ جُزْءًا مِنَ الشِّقْصِ بِثَمَنِ كُلِّهِ، وَيَهَبَ لَهُ الْبَاقِيَ، وَهَذِهِ الطُّرُقُ فِيهَا غَرَرٌ، فَقَدْ لَا يَفِي صَاحِبُهُ.

وَمِنْهَا: أَنْ يُجْعَلَ الثَّمَنُ حَاضِرًا مَجْهُولَ الْقَدْرِ، وَيَقْبِضَهُ الْبَائِعُ وَلَا يَزِنَهُ، بَلْ يُنْفِقُهُ أَوْ يَخْلِطُهُ فَتَنْدَفِعُ الشُّفْعَةُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَفِيهَا خِلَافُ ابْنِ سُرَيْجٍ السَّابِقُ.

وَمِنْهَا: إِذَا وَقَفَ الشِّقْصُ، أَوْ وَهَبَهُ، بَطَلَتِ الشُّفْعَةُ عَلَى رَأْيِ أَبِي إِسْحَاقَ.

وَمِنْهَا: لَوْ بَاعَ بَعْضَ الشِّقْصِ، ثُمَّ بَاعَ الْبَاقِيَ، لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ الْمَبِيعِ ثَانِيًا عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، فَيَنْدَفِعُ أَخْذُ جَمِيعِ الْمَبِيعِ.

وَمِنْهَا: لَوْ وَكَّلَ الْبَائِعُ شَرِيكَهُ بِالْبَيْعِ، فَبَاعَ، لَمْ تَكُنْ لَهُ الشُّفْعَةُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015