إِذَا مَنَعَهُ مَنْ فِي يَدِهِ وَدَافَعَهُ عَنِ الْمُنْكَرِ فَلَهُ إِبْطَالُهُ بِالْكَسْرِ قَطْعًا. وَحَكَى الْإِمَامُ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّ قَطْعَ الْأَوْتَارِ لَا يَكْفِي لِأَنَّهَا مُجَاوِرَةٌ لَهَا مُنْفَصِلَةٌ. وَمَنِ اقْتَصَرَ فِي إِبْطَالِهَا عَلَى الْحَدِّ الْمَشْرُوعِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَمَنْ جَاوَزَهُ، فَعَلَيْهِ التَّفَاوُتُ بَيْنَ قِيمَتِهَا مَكْسُورَةً بِالْحَدِّ الْمَشْرُوعِ وَبَيْنَ قِيمَتِهَا مُنْتَهِيَةً إِلَى الْحَدِّ الَّذِي أَتَى بِهِ. وَإِنْ أَحْرَقَهَا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا مَكْسُورَةَ الْحَدِّ الْمَشْرُوعِ.

قُلْتُ: قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي «الْبَسِيطِ» : أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِحْرَاقُهَا، لِأَنَّ رُضَاضَهَا مُتَمَوَّلٌ. وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْفَصْلِ، أَنَّ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ وَالْعَبْدَ وَالْفَاسِقَ وَالصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ يَشْتَرِكُونَ فِي جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى إِزَالَةِ هَذَا الْمُنْكَرِ وَسَائِرِ الْمُنْكَرَاتِ، وَيُثَابُ الصَّبِيُّ عَلَيْهَا كَمَا يُثَابُ الْبَالِغُ، وَلَكِنْ إِنَّمَا تَجِبُ إِزَالَتُهُ عَلَى الْمُكَلَّفِ الْقَادِرِ. قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي «الْإِحْيَاءِ» : وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُ الصَّبِيِّ مِنْ كَسْرِ الْمَلَاهِي وَإِرَاقَةِ الْخُمُورِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْمُنْكَرَاتِ، كَمَا لَيْسَ لَهُ مَنْعُ الْبَالِغِ، فَإِنَّ الصَّبِيَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْوِلَايَاتِ، وَلِهَذَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَآحَادِ الرَّعِيَّةِ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ مَبْسُوطًا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي كِتَابِ «السِّيَرِ» إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الطَّرَفُ الثَّالِثُ: وَفِي قَدْرِ الْوَاجِبِ، فَمَا كَانَ مِثْلِيًّا ضُمِنَ بِمِثْلِهِ. وَمَا كَانَ مُتَقَوَّمًا، فَبِالْقِيمَةِ.

وَفِي ضَبْطِ الْمِثْلِيِّ أَوْجُهٌ، أَحَدُهَا: كُلُّ مُقَدَّرٍ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ فَهُوَ مِثْلِيٌّ، وَيُنْسَبُ هَذَا إِلَى نَصِّ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لِقَوْلِهِ فِي الْمُخْتَصَرِ: وَمَا لَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ، فَعَلَيْهِ مِثْلُ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ. وَالثَّانِي: يُزَادُ مَعَ هَذَا جَوَازُ السَّلَمِ فِيهِ. وَالثَّالِثُ: زَادَ الْقَفَّالُ وَآخَرُونَ اشْتِرَاكَ جَوَازِ بَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ. وَالرَّابِعُ: مَا يُقَسَّمُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَقْوِيمٍ. وَالْخَامِسُ، قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ: الْمِثْلِيُّ مَا

[لَا] تَخْتَلِفُ أَجْزَاءُ النَّوْعِ مِنْهُ فِي الْقِيمَةِ، وَرُبَّمَا قِيلَ فِي الْجِرْمِ وَالْقِيمَةِ. وَيَقْرُبُ مِنْهُ قَوْلُ: مَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015