بَيْنَ يَدَيْ مَالِكِهِ لِيَنْظُرَ هَلْ يَصْلُحُ لَهُ لِيَشْتَرِيَهُ، فَتَلِفَ فِي تِلْكَ الْحَالِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا، لِأَنَّ الْيَدَ عَلَى الْمَنْقُولِ حَقِيقَةٌ. وَلَوِ اقْتَطَعَ قِطْعَةَ أَرْضٍ مُلَاصِقَةٍ لِأَرْضِهِ، وَبَنَى عَلَيْهَا حَائِطًا وَأَضَافَهَا إِلَى مِلْكِهِ، ضَمِنَهَا، لِوُجُودِ الِاسْتِيلَاءِ.

فَصْلٌ

فِيمَا إِذَا انْبَنَتْ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ يَدٌ أُخْرَى

قَدْ سَبَقَ مُعْظَمُ مَسَائِلِهِ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ، وَحَاصِلُهُ: أَنَّ كُلَّ يَدٍ تَرَتَّبَتْ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ، فَهِيَ يَدُ ضَمَانٍ، فَيَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ عِنْدَ التَّلَفِ بَيْنَ مُطَالَبَةِ الْغَاصِبِ وَمَنْ تَرَتَّبَتْ يَدُهُ عَلَى يَدِهِ، سَوَاءٌ عَلِمَ الْمَغْصُوبَ أَمْ لَا، لِأَنَّهُ أَثْبَتَ يَدَهُ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَالْجَهْلُ لَيْسَ مُسْقِطًا لِلضَّمَانِ. ثُمَّ الثَّانِي، إِنْ عَلِمَ الْغَصْبَ، فَهُوَ غَاصِبٌ مِنَ الْغَاصِبِ، فَيُطَالَبُ بِكُلِّ مَا يُطَالَبُ بِهِ الْغَاصِبُ، وَإِنْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِهِ، فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ. فَإِذَا غَرِمَ، لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِذَا غَرِمَ الْأَوَّلُ رَجَعَ عَلَيْهِ، هَذَا إِذَا لَمْ تَخْتَلِفْ قِيمَتُهُ فِي يَدِهِمَا، أَوْ كَانَتْ فِي يَدِ الثَّانِي أَكْثَرَ، فَلَوْ كَانَتْ فِي يَدِ الْأَوَّلِ أَكْثَرَ، لَمْ يُطَالَبْ بِالزِّيَادَةِ إِلَّا الْأَوَّلُ، وَتَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ. أَمَّا إِذَا جَهِلَ الثَّانِي الْغَصْبَ، فَإِنْ كَانَتِ الْيَدُ فِي وَضْعِهَا يَدَ ضَمَانٍ كَالْعَارِيَةِ، اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَى الثَّانِي. وَإِنْ كَانَتْ يَدَ أَمَانَةٍ كَالْوَدِيعَةِ اسْتَقَرَّ عَلَى الْغَاصِبِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَفِي وَجْهٍ: يَسْتَقِرُّ عَلَى الْمُودَعِ وَفِي وَجْهٍ: لَا يُطَالَبُ الْمُودَعُ أَصْلًا، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذَا الْفَصْلِ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الرَّهْنِ بِزِيَادَةٍ عَلَى هَذَا، وَالْقَرْضُ مَعْدُودٌ مِنْ أَيْدِي الضَّمَانِ. وَلَوْ وَهَبَ الْمَغْصُوبُ، فَهَلِ الْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ يَدَ ضَمَانٍ، أَمْ عَلَى الْمُتَّهَبِ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ لِلتَّمَلُّكِ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الثَّانِي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015