هَذَا إِذَا تَلِفَتِ الْعَارِيَّةُ لَا بِالِاسْتِعْمَالِ، أَمَّا إِذَا تَلِفَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، بِأَنِ انْمَحَقَ الثَّوْبُ بِاللِّبْسِ، فَلَا يَجِبُ ضَمَانُهُ عَلَى الْأَصَحِّ كَالْأَجْزَاءِ. وَقِيلَ: يَضْمَنُ، فَعَلَى هَذَا، وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُ الْعَيْنَ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا، وَبِهِ قَطَعَ الْإِمَامُ. وَأَصَحُّهُمَا: يَضْمَنُهُ فِي آخِرِ حَالَاتِ التَّقْوِيمِ، وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ. وَأَمَّا الْأَجْزَاءُ، فَمَا تَلِفَ مِنْهَا بِسَبَبِ اسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، كَانْمِحَاقِ الثَّوْبِ بِاللِّبْسِ، لَا يَجِبُ ضَمَانُهُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَمَا تَلِفَ مِنْهَا بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَضْمَنُ، كَالتَّالِفِ بِالِاسْتِعْمَالِ. وَأَصَحُّهُمَا: الضَّمَانُ، كَتَلَفَ الْعَيْنِ كُلِّهَا. وَأَمَّا إِذَا تَلِفَتِ الدَّابَّةُ بِسَبَبِ الرُّكُوبِ وَالْحَمْلِ الْمُعْتَادِ، فَهُوَ كَانْمِحَاقِ الثَّوْبِ، وَتَعْيِيبِهَا بِهِ كَالِانْمِحَاقِ. وَعَنِ الْقَفَّالِ: لَوْ قَرَحَ ظَهْرُهَا بِالْحَمْلِ وَتَلِفَتْ مِنْهُ، يَضْمَنُ، سَوَاءٌ تَعَدَّى بِمَا حَمَلَ، أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَذِنَ فِي الْحَمْلِ، لَا فِي الْجِرَاحَةِ، وَرَدَّهَا إِلَى الْمَالِكِ لَا يُخْرِجُهُ عَنِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ السَّرَايَةَ تَوَلَّدَتْ مِنْ مَضْمُونٍ، وَهَذَا فِي الْحَمْلِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مُتَعَدٍّ بِهِ، تَفْرِيعٌ عَلَى وُجُوبِ الضَّمَانِ فِي صُورَةِ الِانْمِحَاقِ، كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ.
فَرْعٌ
مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، هَذَا كُلُّهُ إِذَا اسْتَعَارَ مِنَ الْمَالِكِ. فَلَوِ اسْتَعَارَ مِنَ الْمُسْتَأْجِرِ أَوِ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ، فَتَلِفَتِ الْعَيْنُ، فَوَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُ كَمَا لَوِ اسْتَعَارَ مِنَ الْمَالِكِ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَضْمَنُ وَهَذَا نَائِبُهُ، وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ فِي هَذِهِ الِاسْتِعَارَةِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ إِنْ رَدَّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَعَلَى الْمَالِكِ إِنْ رَدَّ عَلَيهِ كَمَا لَوْ رَدَّ عَلَيهِ الْمُسْتَأْجِرُ.
فَرْعٌ
إِذَا اسْتَعَارَ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ مِنَ الْغَاصِبِ، وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ، غَرَّمَ الْمَالِكُ مَنْ شَاءَ