الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: فِي قَبْضِ الثَّمَنِ، وَإِقْبَاضِ الْمَبِيعِ. فَإِذَا وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا، فَهَلْ يَمْلِكُ الْوَكِيلُ قَبْضَ الثَّمَنِ؟ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، وَقَدْ يَرْضَاهُ لِلْبَيْعِ، وَلَا يَرْضَاهُ لِقَبْضِ الثَّمَنِ. وَأَصَحُّهُمَا: نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْبَيْعِ وَمُقْتَضَيَاتِهِ. وَهَلْ يَمْلِكُ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ إِذَا كَانَ مَعَهُ؟ أَشَارَ كَثِيرُونَ إِلَى الْجَزْمِ بِجَوَازِهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: هُوَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ. وَلَوْ صَرَّحَ بِهِمَا، لَمْ يَمْلِكِ التَّسْلِيمَ مَا لَمْ يَقْبِضِ الثَّمَنَ، وَعَلَى هَذَا جَرَى صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» وَغَيْرُهُ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ جَوَازُ تَسْلِيمِهِ، وَلَكِنْ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ. فَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ فِي الدَّلِيلِ، وَفِي النَّقْلِ أَيْضًا، وَقَدْ صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي «الْمُحَرَّرِ» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْوَكِيلُ فِي الصَّرْفِ، يَمْلِكُ الْقَبْضَ وَالْإِقْبَاضَ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ، وَكَذَلِكَ فِي السَّلَمِ يَدْفَعُ وَكِيلُ الْمُسْلِمِ رَأْسَ الْمَالِ، وَيَقْبِضُهُ وَكِيلُ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ قَطْعًا.

فَرْعٌ

إِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بِمُؤَجَّلٍ حَيْثُ يَجُوزُ، سَلَّمَ الْمَبِيعَ عَلَى الْمَذْهَبِ، إِذْ لَا حَبْسَ بِالْمُؤَجَّلِ، وَيَجِيءُ وَجْهٌ مِمَّا ذَكَرَهُ أَبُو عَلِيٍّ: أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ، إِذْ لَمْ يُفَوَّضْ إِلَيْهِ. ثُمَّ إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ، لَا يَمْلِكُ الْوَكِيلُ قَبْضَ الثَّمَنِ إِلَّا بِإِذْنٍ مُسْتَأْنَفٍ. وَإِذَا بَاعَ بِحَالٍ، وَجَوَّزْنَا قَبْضَ الثَّمَنِ، لَمْ يُسَلِّمِ الْمَبِيعَ حَتَّى يَقْبِضَهُ كَمَا لَوْ أَذِنَ فِيهِمَا صَرِيحًا، وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ. وَإِذَا لَمْ نُجَوِّزْ لَهُ الْقَبْضَ، فَلَا تَجُوزُ لَهُ الْمُطَالَبَةُ، وَلِلْمُوَكِّلِ الْمُطَالَبَةُ بِالثَّمَنِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَلَوْ مَنَعَهُ مِنْ قَبْضِ الثَّمَنِ، لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ قَطْعًا. وَلَوْ مَنَعَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015