فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ
اعْلَمْ أَنَّ الرَّاكِدَ: قَلِيلٌ، وَكَثِيرٌ، فَالْكَثِيرُ: قُلَّتَانِ، وَالْقَلِيلُ: دُونَهُ. وَالْقُلَّتَانِ: خَمْسُ قِرَبٍ. وَفِي قَدْرِهَا بِالْأَرْطَالِ أَوْجُهٌ. الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ: خَمْسُمِائَةِ رَطْلٍ بِالْبَغْدَادِيِّ. وَالثَّانِي: سِتُّمِائَةٍ. قَالَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ. وَاخْتَارَهُ الْقَفَّالُ، وَالْغَزَالِيُّ. وَالثَّالِثُ: أَلْفُ رَطْلٍ. قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ. وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا التَّقْدِيرَ تَقْرِيبٌ، فَلَا يَضُرُّ نُقْصَانُ الْقَدْرِ الَّذِي لَا يَظْهَرُ بِنُقْصَانِهِ تَفَاوُتٌ فِي التَّغَيُّرِ بِالْقَدْرِ الْمُعَيَّنِ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمُغَيَّرَةِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ تَحْدِيدٌ: فَيَضُرُّ أَيُّ شَيْءٍ نَقَصَ.
قُلْتُ: الْأَشْهَرُ - تَفْرِيعًا عَلَى التَّقْرِيبِ - أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ نَقْصِ رَطْلَيْنِ، وَقِيلَ: ثَلَاثَةٌ وَنَحْوُهَا، وَقِيلَ: مِائَةُ رَطْلٍ. وَإِذَا وَقَعَتْ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ نَجَاسَةٌ وَشَكَّ: هَلْ هُوَ قُلَّتَانِ، أَمْ لَا؟ فَالَّذِي جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ (الْحَاوِي) وَآخَرُونَ: أَنَّهُ نَجِسٌ، لِتَحَقُّقِ النَّجَاسَةِ. وَلِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِيهِ احْتِمَالَانِ، وَالْمُخْتَارُ، بَلِ الصَّوَابُ: الْجَزْمُ بِطَهَارَتِهِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ، وَشَكَكْنَا فِي نَجَاسَةٍ مُنَجِّسَةٍ، وَلَا يَلْزَمُ مِنَ النَّجَاسَةِ التَّنْجِيسُ. وَقَدْرُ الْقُلَّتَيْنِ بِالْمِسَاحَةِ: ذِرَاعٌ وَرُبُعٌ طُولًا وَعَرْضًا وَعُمْقًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.