أَقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: هُوَ كَقَوْلِهِ: أَقِرَّ عَنِّي بِشَيْءٍ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِحَالٍ، لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ يُرِيدُ الْإِقْرَارَ بِعِلْمٍ أَوْ شَجَاعَةٍ، لَا بِمَالٍ.
قُلْتُ: وَلَوْ قَالَ: أَقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ لَهُ عَلَيَّ، فَهُوَ إِقْرَارٌ بِلَا خِلَافٍ، صَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
لِلْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ التَّوْكِيلُ فِي الْخُصُومَةِ، رَضِيَ الْخَصْمُ أَمْ لَمْ يَرْضَ، وَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ الِامْتِنَاعُ مِنْ مُخَاصَمَةِ الْوَكِيلِ، سَوَاءٌ كَانَ لِلْمُوَكَّلِ عُذْرٌ، أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَطْلُوبُ بِالتَّوْكِيلِ فِي الْخُصُومَةِ مَالًا، أَوْ عُقُوبَةً لِآدَمِيٍّ، كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ. وَأَمَّا حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي إِثْبَاتِهَا؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الدَّرْءِ.
فَرْعٌ
يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي اسْتِيفَاءِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْإِمَامِ، وَلِلسَّيِّدِ فِي حَدِّ مَمْلُوكِهِ، وَيَجُوزُ لِلْوَكِيلِ اسْتِيفَاءُ عُقُوبَاتِ الْآدَمِيِّينَ بِحَضْرَةِ الْمُسْتَحِقِّ، وَفِي غَيْبَتِهِ طُرُقٌ. أَشْهَرُهَا عَلَى قَوْلَيْنِ. أَظْهَرُهُمَا: الْجَوَازُ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْجَوَازُ قَطْعًا. وَالثَّالِثُ: الْمَنْعُ قَطْعًا.
قُلْتُ: قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي الِالْتِقَاطِ قَطْعًا، كَمَا لَا يَجُوزُ فِي الِاغْتِنَامِ. فَإِنِ الْتَقَطَ أَوْ غَنِمَ، كَانَ لَهُ دُونَ الْمُوَكِّلِ. قَالَ صَاحِبُ «الْبَيَانِ» : يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الِالْتِقَاطُ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ. وَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، أَقْوَى. وَلَوِ اصْطَرَفَ رَجُلَانِ، فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يُفَارِقَ الْمَجْلِسَ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَوَكَّلَ وَكِيلًا