الثَّالِثَةُ: اشْتَرَكَ أَرْبَعَةٌ، لِأَحَدِهِمْ بَيْتُ رَحَى، وَلِآخَرَ حَجَرُ الرَّحَى، وَلِآخَرَ بَغْلٌ يُدِيرُهُ، وَالرَّابِعُ يَعْمَلُ فِي الرَّحَى، عَلَى أَنَّ الْحَاصِلَ مِنْ أُجْرَةِ الطَّحْنِ بَيْنَهُمْ، فَهُوَ فَاسِدٌ. ثُمَّ إِنِ اسْتَأْجَرَ مَالِكُ الْحِنْطَةِ الْعَامِلَ وَالْآلَاتِ مِنْ مَالِكِيهَا، وَأَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدٍ بِعَقْدٍ، لَزِمَهُ مَا سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ، وَإِنْ جَمَعَهُمْ فِي عَقْدٍ، فَإِنْ لَزِمَ ذِمَمَهُمُ الطَّحْنُ، صَحَّ الْعَقْدُ، وَكَانَتِ الْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا، وَيَتَرَاجَعُونَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَمْلُوكَةَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَدِ اسْتَوْفَى رُبُعَهَا، حَيْثُ أَخَذَ رُبُعَ الْمُسَمَّى، وَانْصَرَفَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا إِلَى أَصْحَابِهِ، فَيَأْخُذُ مِنْهُمْ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ. وَإِنِ اسْتَأْجَرَ عَيْنَ الْعَامِلِ وَأَعْيَانَ الْآلَاتِ، فَفِيهِ الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ. فَإِنْ أَفْسَدْنَا الْإِجَارَةَ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ أُجْرَةُ مِثْلِهِ. وَإِنْ صَحَّحْنَاهَا، وُزِّعَ الْمُسَمَّى عَلَيْهِمْ، وَيَكُونُ التَّرَاجُعُ بَيْنَهُمْ عَلَى مَا سَبَقَ. وَإِنْ أَلْزَمَ مَالِكُ الْحِنْطَةِ ذِمَّةَ الْعَامِلِ الطَّحْنَ، لَزِمَهُ، وَعَلَيْهِ إِذَا اسْتَعْمَلَ مَا لِأَصْحَابِهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، إِلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنْهُمْ إِجَارَةً صَحِيحَةً، فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى.

الرَّابِعَةُ: لِوَاحِدٍ بَذْرٌ، وَلِآخَرَ أَرْضٌ، وَلِآخَرَ آلَةُ الْحَرْثِ، اشْتَرَكُوا مَعَ رَابِعٍ لِيَعْمَلَ، وَتَكُونُ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ، فَالزَّرْعُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ، وَعَلَيْهِ لِأَصْحَابِهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : فَلَوْ أَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ، فَلَا شَيْءَ لَهُمْ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يُحَصِّلُوا لَهُ شَيْئًا. وَلَا يَخْفَى عُدُولُ هَذَا عَنِ الْقِيَاسِ الظَّاهِرِ.

قُلْتُ: الَّذِي قَالَهُ فِي «التَّتِمَّةِ» هُوَ الصَّوَابُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

فَصْلٌ

فِي حُكْمِ الشَّرِكَةِ الصَّحِيحَةِ

لَهَا أَحْكَامٌ. أَحُدُهَا: إِذَا وَجَدَ الْإِذْنَ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، تَسَلَّطَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى التَّصَرُّفِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015