أَمَّا إِذَا اخْتَلَفَتِ الصِّفَةُ، فَإِنْ كَانَ الْمُؤَدَّى خَيْرًا، بِأَنْ أَدَّى الصِّحَاحُ عَنِ الْمُكَسَّرَةِ، لَمْ يَرْجِعْ بِالصِّحَاحِ. وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ، فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي خِلَافِ الْجِنْسِ. وَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ، الْقَطْعُ بِالرُّجُوعِ.
فَرْعٌ
فِي مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالرُّجُوعِ
إِحْدَاهَا: ضَمِنَ عَشَرَةً، وَأَدَّى خَمْسَةً، وَأَبْرَأَهُ رَبُّ الْمَالِ عَنِ الْبَاقِي، لَمْ يَرْجِعْ إِلَّا بِالْخَمْسَةِ الْمَغْرُومَةِ، وَتَبْقَى الْخَمْسَةُ الْأُخْرَى عَلَى الْأَصِيلِ. وَلَوْ صَالَحَهُ مِنَ الْعَشَرَةِ عَلَى خَمْسَةٍ، لَمْ يَرْجِعْ إِلَّا بِالْخَمْسَةِ أَيْضًا، لَكِنْ يَبْرَأُ الضَّامِنُ وَالْأَصِيلُ عَنِ الْبَاقِي.
الثَّانِيَةُ: ضَمِنَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ دَيْنًا عَلَى مُسْلِمٍ، ثُمَّ تَصَالَحَا عَلَى خَمْرٍ، فَهَلْ يَبْرَأُ الْمُسْلِمُ لِأَنَّ الْمُصَالَحَةَ بَيْنَ ذِمِّيَّيْنِ، أَمْ لَا، كَمَا لَوْ دَفَعَ الْخَمْرَ بِنَفْسِهِ؟ وَجْهَانِ. فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، فَفِي رُجُوعِ الضَّامِنِ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَجْهَانِ؛ لِأَنَّ مَا أُدِّيَ لَيْسَ بِمَالٍ، إِلَّا أَنَّهُ أَسْقَطَ الدَّيْنَ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ: لَا يَبْرَأُ، وَلَا يَرْجِعُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الثَّالِثَةُ: ضَمِنَ عَنِ الضَّامِنِ آخَرُ، وَأَدَّى الثَّانِي، فَرُجُوعُهُ عَلَى الْأَوَّلِ، كَرُجُوعِ الْأَوَّلِ عَلَى الْأَصِيلِ، فَيُرَاعَى الْإِذْنُ وَعَدَمُهُ. وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَوَّلِ لَمْ يَثْبُتْ بِأَدَائِهِ لِلْأَوَّلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ إِذَا وَجَدَ شَرْطَهُ فَلَوْ أَرَادَ الثَّانِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْأَصِيلِ، وَيَتْرُكَ الْأَوَّلَ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ الْأَصِيلُ قَالَ لَهُ: اضْمَنْ عَنْ ضَامِنِي، فَفِي رُجُوعِهِ عَلَيْهِ، وَجْهَانِ. كَمَا لَوْ قَالَ لِإِنْسَانٍ: أَدِّ دَيْنِي وَلَيْسَ كَمَا لَوْ قَالَ: أَدِّ دَيْنَ فُلَانٍ، حَيْثُ لَا يَرْجِعُ قَطْعًا عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِذِمَّتِهِ. وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ: اضْمَنْ عَنْ ضَامِنِي، فَإِنْ كَانَ الْحَالُ لَا يَقْتَضِي رُجُوعَ الْأَوَّلِ عَلَى الْأَصِيلِ، لَمْ يَرْجِعْ