فَرْعٌ

ضَمِنَ عَبْدٌ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَأَدَّى فِي حَالِ رِقِّهِ، فَحَقَّ الرُّجُوعُ لِسَيِّدِهِ. وَإِنْ أَدَّى بَعْدَ عِتْقِهِ، فَالرُّجُوعُ لِلْعَبْدِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ ضَمِنَ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ عَنْ أَجْنَبِيٍّ، لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِ وَهُوَ لِسَيِّدِهِ، وَلَوْ ضَمِنَ لِأَجْنَبِيٍّ عَنْ سَيِّدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنِ السَّيِّدُ، فَهُوَ كَمَا لَوْ ضَمِنَ عَنْ أَجْنَبِيٍّ. وَإِنْ أَذِنَ، صَحَّ. ثُمَّ إِنْ أَدَّى قَبْلَ عِتْقِهِ، فَلَا رُجُوعَ، وَبَعْدَهُ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى مَا لَوْ أَجَّرَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فِي الْمُدَّةِ، هَلْ يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِمَا بَقِيَ؟

قُلْتُ: لَوْ ثَبَتَ عَلَى عَبْدٍ دَيْنٌ بِالْمُعَامَلَةِ فَضَمِنَهُ سَيِّدُهُ، صَحَّ كَالْأَجْنَبِيِّ. وَلَوْ ضَمِنَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ دَيْنًا عَلَى أَجْنَبِيٍّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مِنَ التِّجَارَةِ، فَالضَّمَانُ بَاطِلٌ. وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، قَالَهُ فِي «الْحَاوِي» - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الْحَقُّ الْمَضْمُونُ، وَشَرْطُهُ ثَلَاثُ صِفَاتٍ: كَوْنُهُ ثَابِتًا، لَازِمًا، مَعْلُومًا.

الصِّفَةُ الْأُولَى: الثُّبُوتُ، وَفِيهَا مَسَائِلُ.

إِحْدَاهَا: إِذَا ضَمِنَ مَا لَمْ يَجِبْ، وَسَيَجِبُ بِقَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ، وَشِبْهِهِمَا، فَطَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهَا وَثِيقَةٌ، فَلَا تَسْبِقُ وُجُوبَ الْحَقِّ كَالشَّهَادَةِ. وَأَشْهَرُهُمَا عَلَى قَوْلَيْنِ. الْجَدِيدُ: الْبُطْلَانُ، وَالْقَدِيمُ: الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إِلَيْهِ. وَنَقَلَ الْإِمَامُ، فُرُوعًا عَلَى الْقَدِيمِ. أَحَدُهَا: إِذَا قَالَ ضَمِنْتُ لَكَ ثَمَنَ مَا تَبِيعُ فُلَانًا، فَبَاعَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، كَانَ ضَامِنًا لِلْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ (مَا) مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ، فَتَقْتَضِي التَّعْمِيمَ، بِخِلَافِ مَا إِذَا قَالَ: إِذَا بِعْتَ فُلَانًا، فَأَنَا ضَامِنٌ، لَا يَكُونُ ضَامِنًا إِلَّا ثَمَنَ مَا بَاعَهُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ (إِذَا) لَيْسَتْ مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ. وَالثَّانِي: إِنْ شَرَطْنَا مَعْرِفَةَ الْمَضْمُونِ لَهُ عِنْدَ ثُبُوتِ الدَّيْنِ، فَهُنَا أَوْلَى. وَإِلَّا، فَوَجْهَانِ. وَكَذَا مَعْرِفَةُ الْمَضْمُونِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015