يَكُنِ التَّلَفُ بِتَفْرِيطٍ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ فِي زَعْمِكَ، وَالْوَكِيلُ أَمِينٌ، وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُكَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى بِزَعْمِهِ. وَقَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَتْ وِكَالَتُهُ، وَالْوَكِيلُ إِذَا أَخَذَ الْمَالَ لِنَفْسِهِ، ضَمِنَ. أَمَّا إِذَا لَمْ يَقْبِضْ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو، فَلَيْسَ لَهُ الْقَبْضُ بَعْدَ حَلِفِكَ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ انْدَفَعَتْ وَصَارَ مَعْزُولًا عَنِ الْوَكَالَةِ بِإِنْكَارِهِ، وَلَكَ مُطَالَبَةُ عَمْرٍو بِحَقِّكَ. وَهَلْ لِزَيْدٍ مُطَالَبَتُكَ بِحَقِّهِ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ فِيمَا إِذَا قَبَضَ وَسَلَّمَ إِلَيْكَ، قَالَ صَاحِبُ «الْبَيَانِ» : يَنْبَغِي أَنْ لَا يُطَالِبَكَ هُنَا قَطْعًا، لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ حَقَّهُ عَلَى عَمْرٍو، وَأَنَّ مَا قَبَضْتَهُ أَنْتَ مِنْ عَمْرٍو، لَيْسَ حَقًّا لَهُ، بِخِلَافِ مَا إِذَا قُبِضَ، فَإِنَّ حَقَّهُ تَعَيَّنَ فِي الْمَقْبُوضِ، فَإِذَا أَخَذْتَهُ، أَخَذْتَ مَالَهُ.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَقُولَ لِزَيْدٍ: أَحَلْتُكَ عَلَى عَمْرٍو، فَيَقُولُ: بَلْ وَكَّلْتَنِي بِقَبْضِ مَا عَلَيْهِ، وَحَقِّي بَاقٍ. وَيَظْهَرُ تَصْوِيرُ هَذَا الْخِلَافِ عِنْدَ إِفْلَاسِ عَمْرٍو. فَيُنْظَرُ، إِنِ اخْتَلَفْتُمَا فِي أَصْلِ اللَّفْظِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ زَيْدٍ مَعَ يَمِينِهِ. وَإِنِ اتَّفَقْتُمَا عَلَى لَفْظِ الْحَوَالَةِ، جَرَى الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى عَلَى عَكْسِ مَا سَبَقَ. فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ، الْقَوْلُ قَوْلُكَ، مَعَ الْيَمِينِ، وَعَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ، الْقَوْلُ قَوْلُ زَيْدٍ مَعَ يَمِينِهِ. فَإِنْ قُلْنَا: قَوْلُكَ، فَحَلَفْتَ، بَرِئْتَ مِنْ دَيْنِ زَيْدٍ، وَلِزَيْدٍ مُطَالَبَةُ عَمْرٍو، إِمَّا بِالْوَكَالَةِ، وَإِمَّا بِالْحَوَالَةِ، وَمَا يَأْخُذُهُ يَكُونُ لَهُ، لِأَنَّكَ تَقُولُ: إِنَّهُ حَقُّهُ، وَعَلَى زَعْمِهِ هُوَ لَكَ، وَحَقُّهُ عَلَيْكَ، فَيَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ. وَحَيْثُ قُلْنَا: الْقَوْلُ قَوْلُ زَيْدٍ، فَحَلَفَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبْضُ الْمَالِ مِنْ عَمْرٍو، فَلَيْسَ لَهُ قَبْضُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَكَ: مَا وَكَّلْتُكَ، يَتَضَمَّنُ عَزْلَهُ إِنْ كَانَ وَكِيلًا، وَلَهُ مُطَالَبَتُكَ بِحَقِّهِ. وَهَلْ لَكَ الرُّجُوعُ إِلَى عَمْرٍو؟ وَجْهَانِ. لِأَنَّكَ اعْتَرَفْتَ بِتَحَوُّلِ مَا عَلَيْهِ إِلَى زَيْدٍ. وَوَجْهُ الرُّجُوعِ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ كَجٍّ، أَنَّ زَيْدًا إِنْ كَانَ وَكِيلًا فَلَمْ يَقْبِضْ، فَبَقِيَ حَقُّكَ. وَإِنْ كَانَ مُحْتَالًا، فَقَدْ ظَلَمَكَ بِأَخْذِهِ