وَانْقَطَعَ بِسَبَبِهِ عَنِ الْكَسْبِ، فَلَهُ أَخْذُ قَدْرِ النَّفَقَةِ. وَفِي التَّعْلِيقِ: أَنَّهُ يَأْخُذُ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قَدْرِ النَّفَقَةِ، وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ.
قُلْتُ: هَذَا الْمَنْقُولُ عَنِ التَّعْلِيقِ، هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي أَكْثَرِ كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ «الْبَيَانِ» عَنْ أَصْحَابِنَا مُطْلَقًا، وَحَكَاهُ هُوَ وَغَيْرُهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ وَالشَّاشِيُّ وَجْهًا، أَنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا لِلْغَنِيِّ أَنْ يَأْكُلَ بِقَدْرِ أُجْرَتِهِ. وَالصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ، الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْغَنِيِّ مُطْلَقًا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَالْقَوْلُ فِي أَنَّهُ هَلْ يَسْتَبِدُّ بِالْأَخْذِ، يَأْتِي فِي كِتَابِ النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَهَلْ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا أَخَذَهُ كَالْمُضْطَرِّ إِذَا أَكَلَ طَعَامَ الْغَيْرِ أَمْ لَا؟ كَالْإِمَامِ إِذَا أَخَذَ الرِّزْقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ.
قُلْتُ: أَظْهَرُهُمَا: لَا ضَمَانَ، لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ، وَلِأَنَّهُ بَدَلُ عَمَلِهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
لِلْوَلِيِّ أَنْ يَخْلِطَ مَالَهُ بِمَالِ الصَّبِيِّ وَيُؤَاكِلَهُ، قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: وَلِلْمُسَافِرِينَ خَلْطُ أَزْوَادِهِمْ وَإِنْ تَفَاوَتُوا فِي الْأَكْلِ، قَالَ: وَهَذَا أَوْلَى بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمُسَامَحَةِ.
قُلْتُ: لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ خَلْطِ الْمُسَافِرِينَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ، وَنَقَلَ صَاحِبُ «الْبَيَانِ» مِنْ أَصْحَابِنَا، أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ، ذَكَرَهُ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ، وَدَلَائِلُهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ كَثِيرَةٌ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ وَيَكْسُوَهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَيُخْرِجَ مِنْ أَمْوَالِهِ الزَّكَاةَ وَأُرُوشَ الْجِنَايَاتِ وَإِنْ لَمْ تُطْلَبْ، وَنَفَقَةَ الْقَرِيبِ بَعْدَ الطَّلَبِ.