الْقَيْدُ الثَّالِثُ: كَوْنُ التَّصَرُّفِ مُبْتَدَأً، فَلَوِ اشْتَرَى شَيْئًا قَبْلَ الْحَجْرِ، فَوَجَدَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ مَعِيبًا، فَلَهُ رَدُّهُ إِنْ كَانَ فِي الرَّدِّ غِبْطَةٌ ; لِأَنَّ الْحَجْرَ لَا يَنْعَطِفُ عَلَى مَاضٍ، فَإِنْ مُنِعَ مِنَ الرَّدِّ عَيْبٌ حَادِثٌ، لَزِمَهُ الْأَرْشُ، وَلَمْ يَمْلِكِ الْمُفْلِسُ إِسْقَاطَهُ. وَإِنْ كَانَتِ الْغِبْطَةُ فِي بَقَائِهِ لَمْ يَمْلِكْ رَدَّهُ ; لِأَنَّهُ تَفْوِيتٌ بِغَيْرِ عِوَضٍ. وَلِهَذَا نَصَّ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَلَى أَنَّهُ لَوِ اشْتَرَى فِي صِحَّتِهِ شَيْئًا، ثُمَّ مَرِضَ، وَوَجَدَهُ مَعِيبًا، فَأَمْسَكَهُ وَالْغِبْطَةُ فِي رَدِّهِ، كَانَ الْقَدْرُ الَّذِي نَقَصَهُ الْعَيْبُ مَحْسُوبًا مِنَ الثُّلُثِ، وَكَذَلِكَ الْوَلِيُّ إِذَا وَجَدَ مَا اشْتَرَاهُ لِلطِّفْلِ مَعِيبًا، لَا يَرُدُّهُ إِذَا كَانَتِ الْغِبْطَةُ فِي بَقَائِهِ، وَلَا يَثْبُتُ الْأَرْشُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ; لِأَنَّ الرَّدَّ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ فِي نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا الْمَصْلَحَةُ تَقْتَضِي الِامْتِنَاعَ.
فَرْعٌ
لَوْ تَبَايَعَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ، فَفَلَّسَا أَوْ أَحَدُهُمَا، فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا إِجَازَةُ الْبَيْعِ وَرَدُّهُ بِغَيْرِ رِضَى الْغُرَمَاءِ، هَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَفِيهِ ثَلَاثَةُ طُرُقٍ. أَصَحُّهَا: الْأَخْذُ بِظَاهِرِهِ، فَيَجُوزُ الْفَسْخُ وَالْإِجَازَةُ عَلَى وَفْقِ الْغِبْطَةِ، وَعَلَى خِلَافِهَا ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُمْنَعُ مِنَ ابْتِدَاءِ تَصَرُّفٍ. وَالثَّانِي: تَجْوِيزُهُمَا بِشَرْطِ الْغِبْطَةِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ. وَالثَّالِثُ: إِنْ وَقَعَا عَلَى وَفْقِ الْغِبْطَةِ، صَحَّ، وَإِلَّا، فَيُبْنَى عَلَى أَقْوَالِ الْمِلْكِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، وَيُنْظَرُ مَنْ أَفْلَسَ. فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي، وَقُلْنَا: الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ، فَلِلْمُشْتَرِي الْإِجَازَةُ وَالْفَسْخُ. وَإِنْ قُلْنَا: لِلْمُشْتَرِي، فَلَهُ الْإِجَازَةُ ; لِأَنَّهَا اسْتِدَامَةُ مِلْكٍ، وَلَا فَسْخَ ; لِأَنَّهُ إِزَالَةٌ. وَإِنْ أَفْلَسَ الْبَائِعُ، وَقُلْنَا: الْمِلْكُ لَهُ، فَلَهُ الْفَسْخُ ; لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةٌ، وَلَيْسَ لَهُ الْإِجَازَةُ. وَإِنْ قُلْنَا: لِلْمُشْتَرِي، فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ وَالْإِجَازَةُ.