قُلْتُ: قَالَ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ فِي «الْمُحَرَّرِ» أَظْهَرُهُمَا: لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّالِثُ: أَنْ لَا يُعْلَمَ وَاحِدٌ مِنَ الْأَمْرَيْنِ وَهُمَا مُحْتَمَلَانِ، فَالْمَذْهَبُ: الصِّحَّةُ. وَلَوْ رَهَنَ مَا لَا يُسْرِعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ، فَحَدَثَ مَا عَرَّضَهُ لِلْفَسَادِ قَبْلَ الْأَجَلِ، بِأَنِ ابْتَلَّتِ الْحِنْطَةُ، وَتَعَذَّرَ تَجْفِيفُهَا لَمْ يَنْفَسِخْ بِحَالٍ. وَلَوْ طَرَأَ ذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِ الْمَرْهُونِ، فَفِي الِانْفِسَاخِ وَجْهَانِ، كَمَا فِي حُدُوثِ الْمَوْتِ وَالْجُنُونِ. وَإِذَا لَمْ يَنْفَسِخُ، بِيعَ وَجُعِلَ الثَّمَنُ رَهْنًا مَكَانَهُ.
قُلْتُ: الْأَرْجَحُ: أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ، وَهَذَا الَّذِي قَطَعَ بِهِ، مِنْ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَنْفَسِخْ يُبَاعُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَنَقَلَ الْإِمَامُ: أَنَّ الْأَئِمَّةَ قَطَعُوا بِأَنَّهُ يُسْتَحَقُّ بَيْعُهُ. وَنَقَلَ صَاحِبُ «الْحَاوِي» فِيهِ قَوْلَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى بَيْعِهِ حِفْظًا لِلْوَثِيقَةِ، كَمَا يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَتِهِ.
وَالثَّانِي: لَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهَنِ فِي حَبْسِهِ فَقَطْ، وَهَذَا ضَعِيفٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
رَهْنُ الْعَبْدِ الْمُحَارِبِ، كَبَيْعِهِ. وَرَهْنُ الْمُرْتَدِّ صَحِيحٌ عَلَى الْمَذْهَبِ كَبَيْعِهِ. فَإِنْ عَلِمَ الْمُرْتَهِنُ رِدَّتَهُ، فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ الرَّهْنُ. وَإِنْ جَهِلَ، يُخَيِّرُ، فَإِنْ قُتِلَ قَبْلَ قَبْضِهِ، فَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ. وَإِنْ قُتِلَ بَعْدَهُ، فَمِنْ ضَمَانِ مَنْ؟ فِيهِ وَجْهَانِ سَبَقَا فِي الْبَيْعِ. فَإِنْ قُلْنَا: مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، فَلِلْمُرْتَهَنِ فَسْخُ الْبَيْعِ، وَإِلَّا فَلَا فَسْخَ وَلَا أَرْشَ، كَمَا لَوْ مَاتَ فِي يَدِهِ.
قُلْتُ: وَلَوْ رَهَنَهُ عَبْدًا مَرِيضًا لَمْ يَعْلَمْ بِمَرَضِهِ الْمُرْتَهِنُ حَتَّى مَاتَ فِي يَدِهِ، فَلَا خِيَارَ لَهُ، قَالَهُ فِي الْمُعَايَاةِ، قَالَ: لِأَنَّ الْمَوْتَ بِأَلَمٍ حَادِثٍ، بِخِلَافِ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.