قُلْتُ: وَإِذَا صَحَّحْنَا رَهْنَ الْعَبْدِ وَالْمُصْحَفِ عِنْدَ الْكَافِرِ، فَفِي «تَهْذِيبِ» الشَّيْخِ نَصْرٍ الْمَقْدِسِيِّ الزَّاهِدِ وَغَيْرِهِ: أَنَّ الْعَقْدَ حَرَامٌ. وَفِي «التَّهْذِيبِ» لِلْبَغَوِيِّ: أَنَّهُ مَكْرُوهٌ، ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ إِنْ كَانَتِ الْجَارِيَةُ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى، فَهِيَ كَالْعَبْدِ، وَإِلَّا، فَإِنْ رُهِنَتْ عِنْدَ مَحْرَمٍ أَوِ امْرَأَةٍ، فَذَاكَ. وَإِنْ رُهِنَتْ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ ثِقَةٍ وَعِنْدَهُ زَوْجَتُهُ، أَوْ جَارِيَتُهُ، أَوْ نِسْوَةٌ يُؤْمَنُ مَعَهُمُ الْإِلْمَامَ بِهَا، فَلَا بَأْسَ، وَإِلَّا، فَلْتُوضَعْ عِنْدَ مَحْرَمٍ لَهَا أَوِ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ، أَوْ رَجُلٍ عَدْلٍ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمُرْتَهَنِ. فَإِنْ شَرَطَ وَضْعَهَا عِنْدَ غَيْرِ مَنْ ذَكَرْنَا، فَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ. وَأَلْحَقَ الْإِمَامُ بِالصَّغِيرَةِ الْخَسِيسَةِ مَعَ دَمَامَةِ الصُّورَةِ، لَكِنَّ الْفَرْقَ ظَاهِرٌ. وَلَوْ كَانَ الْمَرْهُونُ خُنْثَى، فَكَالْجَارِيَةِ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يُوضَعُ عِنْدَ امْرَأَةٍ.

الشَّرْطُ الثَّالِثُ: كَوْنُ الْعَيْنِ قَابِلَةً لِلْبَيْعِ عِنْدَ حُلُولِ الدَّيْنِ، فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ أُمِّ الْوَلَدِ، وَالْمَكَاتَبِ، وَالْوَقْفِ، وَسَائِرِ مَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ. وَسَوَادُ الْعِرَاقِ وَقْفٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمَذْهَبِ، فَلَا يَجُوزُ رَهْنُهُ. وَأَبْنِيَتُهُ، وَأَشْجَارُهُ، إِنْ كَانَتْ مِنْ تُرْبَتِهِ وَغِرَاسِهِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ الْوَقْفِ، فَهِيَ كَالْأَرْضِ. وَإِنْ أُحْدِثْتَ فِيهَا مِنْ غَيْرِهَا، جَازَ رَهْنُهَا. فَإِنْ رُهِنَتْ مَعَ الْأَرْضِ، فَهِيَ مِنْ صُوَرِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَكَذَا رَهْنُ الْأَرْضِ مُطْلَقًا إِنْ قُلْنَا: إِنَّ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ يَدْخُلَانِ فِيهِ. وَإِذَا صَحَّ الرَّهْنُ فِي الْبِنَاءِ، فَلَا خَرَاجَ عَلَى الْمُرْتَهَنِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الرَّاهِنِ. فَإِنْ أَدَّاهُ الْمُرْتَهِنُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ، وَإِنْ أَدَّاهُ بِإِذْنِهِ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ، رَجَعَ. وَإِنْ لَمْ يَشْرُطِ الرُّجُوعَ، فَوَجْهَانِ يَجْرِيَانِ فِي أَدَاءِ دَيْنِ الْغَيْرِ بِإِذْنِهِ مُطْلَقًا، وَظَاهِرُ النَّصِّ: الرُّجُوعُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015