أَصَحُّهَا: يَحْرُمُ قَبُولُهُ. وَالثَّانِي: يَجِبُ. وَالثَّالِثُ: يَجُوزُ، كَمَا لَوِ اخْتَلَفَتِ الصِّفَةُ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَ التُّرْكِيِّ وَالْهِنْدِيِّ، تَفَاوُتُ جِنْسٍ، أَمْ تَفَاوُتُ نَوْعٍ؟ وَالصَّحِيحُ: الثَّانِي. وَفِي أَنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَ الرُّطَبِ وَالتَّمْرِ، وَبَيْنَ مَا سُقِيَ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَمَا سُقِيَ بِغَيْرِهِ، تَفَاوُتُ نَوْعٍ، أَوْ صِفَةٍ؟ وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ.
فَرْعٌ
مَا أَسْلَمَ فِيهِ كَيْلًا قَبَضَهُ كَيْلًا. وَمَا أَسْلَمَ فِيهِ وَزْنًا، قَبَضَهُ وَزْنًا وَلَا يَجُوزُ الْعَكْسُ. وَإِذَا كَالَ لَا يُزَلْزِلُ الْمِكْيَالَ، وَلَا يَضَعُ الْكَفَّ عَلَى جَوَانِبِهِ. وَيَجِبُ تَسْلِيمُ الْحِنْطَةِ وَنَحْوِهِا نَقِيَّةً مِنَ الزُّوَانِ وَالْمَدَرِ وَالتُّرَابِ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا شَيْءٌ قَلِيلٌ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ أَسْلَمَ كَيْلًا، جَازَ، وَإِنْ أَسْلَمَ وَزْنًا لَمْ يَجُزْ.
قُلْتُ: هَكَذَا أَطْلَقَ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ صَاحِبُ «الْحَاوِي» : فِيمَا إِذَا أَسْلَمَ كَيْلًا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِإِخْرَاجِ التُّرَابِ مُؤْنَةٌ، فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا. قَالَ فِي «الْبَيَانِ» دِقَاقُ التِّبْنِ كَالتُّرَابِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيَجِبُ تَسْلِيمُ التَّمْرِ جَافًّا، وَالرُّطَبِ صَحِيحًا غَيْرَ مُشَدَّخٍ.
وَأَمَّا زَمَانُهُ: فَإِنْ كَانَ السَّلَمُ مُؤَجَّلًا لَمْ يَخْفَ أَنْهُ لَا مُطَالَبَةَ قَبْلَ الْمَحَلِّ. فَإِنْ أَتَى بِهِ الْمُسْلَمُ إِلَيْهِ قَبْلَهُ، فَامْتَنَعَ مِنْ قَبُولِهِ، قَالَ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ: إِنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي الِامْتِنَاعِ، بِأَنْ كَانَ وَقْتَ نَهْبٍ، أَوْ كَانَ حَيَوَانًا يَحْتَاجُ عَلَفًا، أَوْ ثَمَرَةً، أَوْ لَحْمًا يُرِيدُ أَكْلَهَا عِنْدَ الْمَحَلِّ طَرِيًّا، أَوْ كَانَ يَحْتَاجُ إِلَى مَكَانٍ لَهُ مُؤْنَةٌ، كَالْحِنْطَةِ وَشِبْهِهَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْقَبُولِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ فِي الِامْتِنَاعِ، فَإِنْ كَانَ لِلْمُؤَدِّي غَرَضٌ سِوَى بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، بِأَنْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ، أُجْبِرَ عَلَى الْقَبُولِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ.