ذِكْرُهُ. ثُمَّ مِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ يَشْتَرِطُ التَّعَرُّضَ لِلْأَوْصَافِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْتَبِرُ الْأَوْصَافَ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا عَلَى إِطْلَاقِهِ، فَإِنَّ كَوْنَ الْعَبْدِ قَوِيًّا فِي الْعَمَلِ، أَوْ ضَعِيفًا، أَوْ كَاتِبًا، أَوْ أُمِّيًّا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، أَوْصَافٌ يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ وَالْقِيمَةُ، وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهَا. وَلِتَعْذُّرِ الضَّبْطِ أَسْبَابٌ، مِنْهَا: الِاخْتِلَاطُ، وَالْمُخْتَلِطَاتُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ.

الْأَوَّلُ: الْمُخْتَلِطَاتُ الْمَقْصُودَةُ الْأَرْكَانِ، وَلَا يَنْضَبِطُ أَقْدَارُ أَخْلَاطِهَا، وَأَوْصَافُهَا، كَالْهَرِيسَةِ، وَمُعْظَمِ الْمَرَقِ، وَالْحَلْوَى، وَالْمَعْجُونَاتِ، وَالْغَالِيَةِ الْمُرَكَّبَةِ مِنَ الْمِسْكِ، وَالْعُودِ، وَالْعَنْبَرِ، وَالْكَافُورِ، وَالْقِسِيِّ، فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا، وَلَا يَجُوزُ فِي الْخِفَافِ، وَالنِّعَالِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَالتِّرْيَاقِ الْمَخْلُوطِ كَالْغَالِيَةِ. فَإِنْ كَانَ نَبَاتًا وَاحِدًا، أَوْ حَجَرًا، جَازَ السَّلَمُ فِيهِ. وَالنِّبْلُ بَعْدَ الْخَرْطِ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ، وَقَبْلَهُمَا، يَجُوزُ، وَالْمَغَازِلُ كَالنِّبَالِ. الثَّانِي: الْمُخْتَلِطَاتُ الْمَقْصُودَةُ الْأَرْكَانِ، الَّتِي تَنْضَبِطُ أَقْدَارُهَا وَصِفَاتُهَا، كَثَوْبِ الْعِتَابِيِّ، وَالْخَزِّ الْمُرَكَّبِ مِنَ الْإِبْرِيسَمِ، وَالْوَبَرِ، وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ لِسُهُولَةِ ضَبْطِهَا. وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي الثَّوْبِ الْمَعْمُولِ عَلَيْهِ بِالْإِبْرَةِ بَعْدَ النَّسْجِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأَصْلِ، كَالْإِبْرِيسَمِ عَلَى الْقُطْنِ، وَالْكَتَّانِ، فَإِنْ كَانَ تَرْكِيبُهَا بِحَيْثُ لَا تَنْضَبِطُ أَرْكَانُهَا، فَهِيَ كَالْمَعْجُونَاتِ.

الثَّالِثُ: الْمُخْتَلِطَاتُ الَّتِي لَا يُقْصَدُ مِنْهَا إِلَّا الْخَلِيطُ الْوَاحِدُ، كَالْخُبْزِ فِيهِ الْمِلْحُ، لَكِنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ. وَفِي السَّلَمِ فِيهِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: لَا يَصِحُّ، وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ: الصِّحَّةُ. وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْجُبْنِ، وَالْأَقِطِ، وَخَلِّ التَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ، وَالسَّمَكُ الَّذِي عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْمِلْحِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْجَمِيعِ، لِحَقَارَةِ أَخِلَاطِهَا. وَأَمَّا الْأَدْهَانُ الْمُطَيِّبَةُ، كَدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ، وَالْبَانِ، وَالْوَرْدِ، فَإِنْ خَالَطَهَا شَيْءٌ مِنْ جِرْمِ الطِّيبِ لَمْ يَجُزِ السَّلَمُ فِيهَا، وَإِنْ تَرَوَّحَ السِّمْسِمُ بِهَا وَاعْتُصِرَ، جَازَ. وَلَا يَجُوزُ فِي الْمَخِيضِ الَّذِي يُخَالِطُهُ الْمَاءُ، نُصَّ عَلَيْهِ. وَفِي التَّتِمَّةِ: أَنَّ الْمَصْلَ كَالْمَخِيضِ؛ لِأَنَّهُ يُخَالِطُهُ الدَّقِيقُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015