وَأَمَّا الثَّانِي، فَلَهُ سَبَبَانِ: الْمَجْلِسُ، وَالشَّرْطُ. وَإِذَا صَحَّحْنَا بَيْعَ الْغَائِبِ، أَثْبَتْنَا خِيَارَ الرُّؤْيَةِ، فَتَصِيرُ الْأَسْبَابُ ثَلَاثَةً.
السَّبَبُ الْأَوَّلُ: كَوْنُهُمَا مُجْتَمِعَيْنِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَتَخَايَرَا.
فِي بَيَانِ الْعُقُودِ الَّتِي يَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَالَّتِي لَا تَثْبُتُ فِيهَا الْعُقُودُ، ضَرْبَانِ.
أَحَدُهُمَا: الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ، إِمَّا مِنَ الْجَانِبَيْنِ، كَالشَّرِكَةِ، وَالْوَكَالَةِ، وَالْقِرَاضِ، وَالْوَدِيعَةِ، وَالْعَارِيَةِ، وَإِمَّا مِنْ أَحَدِهِمَا، كَالضَّمَانِ، وَالْكِتَابَةِ، فَلَا خِيَارَ فِيهَا، وَكَذَا الرَّهْنُ، لَكِنْ لَوْ كَانَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ وَأَقْبَضَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، أَمْكَنَ فَسْخُ الرَّهْنِ، بِأَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ، فَيَنْفَسِخُ الرَّهْنُ تَبَعًا.
وَحُكِيَ وَجْهٌ: أَنَّهُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ فِي الْكِتَابَةِ وَالضَّمَانِ، وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: الْعُقُودُ اللَّازِمَةُ، وَهِيَ نَوْعَانِ: وَارِدَةٌ عَلَى الْعَيْنِ، وَوَارِدَةٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ.
فَالْأَوَّلُ: كَالصَّرْفِ، وَبَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ، وَالسَّلَمِ، وَالتَّوْلِيَةِ، وَالتَّشْرِيكِ، وَصُلْحِ الْمُعَاوَضَةِ، فَيَثْبُتُ فِيهَا جَمِيعًا خِيَارُ الْمَجْلِسِ، وَتُسْتَثْنَى صُوَرٌ.
إِحْدَاهَا: إِذَا بَاعَ مَالَهُ لِوَلَدِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ، فَفِي ثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: يَثْبُتُ.
فَعَلَى هَذَا، يَثْبُتُ خِيَارٌ لِلْأَبِ، وَخِيَارٌ لِلْوَلَدِ وَالْأَبُ نَائِبُهُ. فَإِنْ أَلْزَمَ الْبَيْعَ لِنَفْسِهِ وَلِلْوَلَدِ، لَزِمَ. وَإِنْ أَلْزَمَ لِنَفْسِهِ بَقِيَ الْخِيَارُ لِلْوَلَدِ، إِذَا