كَمَا لَوْ قَالَ: أَلْقِهَا فِي الْبَحْرِ، فَامْتَثَلَ. وَلَوْ كَانَتِ الْوَدِيعَةُ لِلصَّبِيِّ، فَسَلَّمَهَا إِلَيْهِ، ضَمِنَ، سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، إِذْ لَيْسَ لَهُ تَضْيِيعُهَا وَإِنْ أَمَرَهُ الْوَلِيُّ بِهِ.
إِسْلَامُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي مُطْلَقِ التَّبَايُعِ، لَكِنْ لَوِ اشْتَرَى كَافِرٌ عَبْدًا مُسْلِمًا، أَوِ اتَّهَبَهُ، أَوْ أُوصِيَ لَهُ بِهِ، فَقَبِلَ، لَمْ يُمَلِّكْهُ عَلَى الْأَظْهَرِ. قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : الْقَوْلَانِ فِي الْوَصِيَّةِ، إِذَا قُلْنَا: يَمْلِكُهَا بِالْقَبُولِ. وَإِنْ قُلْنَا بِالْمَوْتِ، ثَبَتَ بِلَا خِلَافٍ كَالْإِرْثِ. وَلَوِ اشْتَرَى مُصْحَفًا، أَوْ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَالْمَذْهَبُ: الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ. وَقِيلَ: عَلَى الْقَوْلَيْنِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: وَكُتُبُ الْفِقْهِ الَّتِي فِيهَا آثَارُ السَّلَفِ، لَهَا حُكْمُ الْمُصْحَفِ فِي هَذَا. وَقَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي: كُتُبُ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ يَصِحُّ بَيْعُهَا لِلْكَافِرِ. وَفِي أَمْرِهِ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْهَا، وَجْهَانِ.
قُلْتُ: الْخِلَافُ فِي بَيْعِ الْعَبْدِ، وَالْمُصْحَفِ، وَالْحَدِيثِ، وَالْفِقْهِ، إِنَّمَا هُوَ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ، مَعَ أَنَّهُ حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِذَا قُلْنَا: لَا يَصِحُّ شِرَاءُ الْكَافِرِ عَبْدًا مُسْلِمًا، فَاشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَأَبِيهِ وَابْنِهِ، صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ. وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي كُلِّ شِرَاءٍ يَسْتَعْقِبُ عِتْقًا، كَقَوْلِ الْكَافِرِ لِمُسْلِمٍ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ الْمُسْلِمَ عَنِّي بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَإِجَابَتِهِ، وَكَمَا إِذَا أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ مُسْلِمٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ. وَرَتَّبَ الْإِمَامُ الْخِلَافَ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ عَلَى شِرَاءِ الْقَرِيبِ. وَقَالَ: الْأُولَى أَوْلَى بِالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا ضِمْنِيٌّ، وَالثَّانِيَةُ أَوْلَى بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِيهَا وَإِنْ حُكِمَ بِهِ، فَهُوَ ظَاهِرٌ غَيْرُ مُحَقَّقٍ، بِخِلَافِ الْقَرِيبِ. وَلَوِ اشْتَرَى الْكَافِرُ عَبْدًا مُسْلِمًا بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ، وَصَحَّحْنَا الشِّرَاءَ بِهَذَا