الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ التَّيَمُّمِ
هِيَ ثَلَاثَةٌ.
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يَبْطُلُ بِمَا يَبْطُلُ بِهِ الْوُضُوءُ. ثُمَّ هُوَ قِسْمَانِ. أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ، كَتَيَمُّمِ الْمَرِيضِ. وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ إِلَّا مَعَ عَدَمِهِ، أَوِ الْخَوْفِ فِي تَحْصِيلِهِ، أَوِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَمَا أَشْبَهَ هَذَا. فَالْأَوَّلُ: لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ رُؤْيَةُ الْمَاءِ. وَأَمَّا الثَّانِي: فَيَبْطُلُ بِتَوَهُّمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ، كَمَا إِذَا رَأَى سَرَابًا فَتَوَهَّمَهُ مَاءً، أَوْ أَطْبَقَتْ بِقُرْبِهِ غَمَامَةٌ، أَوْ طَلَعَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمْ مَاءٌ، هَذَا إِذَا لَمْ يُقَارِنِ التَّوَهُّمَ مَانِعٌ مِنَ الْقُدْرَةِ، فَإِنْ قَارَنَهُ، لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ، كَمَا إِذَا رَأَى مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِلْعَطَشِ، أَوْ دُونَهُ حَائِلٌ، مِنْ سَبُعٍ، أَوْ عَدُوٍّ، أَوْ قَعْرِ بِئْرٍ يَعْلَمُ حَالَ رُؤْيَتِهِ تَعَذُّرَ تَحْصِيلِهِ، أَوْ سَمِعَ إِنْسَانًا يَقُولُ: أَوْدَعَنِي فُلَانٌ مَاءً وَهُوَ يَعْلَمُ غَيْبَةَ فُلَانٍ، وَمَا أَشْبَهَ هَذَا.
أَمَّا إِذَا رَأَى الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُغْنِيَةً عَنِ الْقَضَاءِ، كَصَلَاةِ الْحَاضِرِ بِالتَّيَمُّمِ، بَطَلَتْ عَلَى الصَّحِيحِ. وَعَلَى الثَّانِي: يُتِمُّهَا وَيُعِيدُ. وَإِنْ كَانَتْ مُغْنِيَةً كَصَلَاةِ الْمُسَافِرِ، فَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ: أَنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَا تَيَمُّمُهُ. فَلَوْ نَوَى فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ الْإِقَامَةَ بَعْدَ وِجْدَانِ الْمَاءِ، أَوْ نَوَى الْقَصْرَ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ، ثُمَّ نَوَى الِائْتِمَامَ، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا. وَحَيْثُ لَمْ تَبْطُلْ وَكَانَتْ فَرِيضَةً، هَلْ يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهَا لِيَتَوَضَّأَ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: الْخُرُوجُ أَفْضَلُ.
وَالثَّانِي: يَجُوزُ الْخُرُوجُ، لَكِنَّ الِاسْتِمْرَارَ أَفْضَلُ.
وَالثَّالِثُ: إِنْ قَلَبَهَا نَفْلًا وَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، فَهُوَ أَفْضَلُ. وَإِنْ أَرَادَ إِبْطَالَهَا مُطْلَقًا، فَالِاسْتِمْرَارُ أَفْضَلُ. وَالرَّابِعُ: يَحْرُمُ قَطْعُهَا مُطْلَقًا.