مِنْ فَخْذِهِ أَوْ غَيْرِهَا لِيَأْكُلَهَا، فَإِنْ كَانَ الْخَوْفُ مِنْهُ كَالْخَوْفِ فِي تَرْكِ الْأَكْلِ أَوْ أَشَدَّ حُرِّمَ، وَإِلَّا جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَجِدَ غَيْرَهُ. فَإِنْ وَجَدَ حُرِّمَ قَطْعًا. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْطَعَ لِنَفْسِهِ مِنْ مَعْصُومِ غَيْرِهِ قَطْعًا، وَلَا لِلْغَيْرِ أَنْ يَقْطَعَ مِنْ نَفْسِهِ لِلْمُضْطَرِّ.

الْقِسْمُ الثَّانِي: الْمُسْكِرُ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ لَا يَحِلُّ شُرْبُ الْخَمْرِ لَا لِلتَّدَاوِي وَلَا لِلْعَطَشِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ لَهُمَا. وَقِيلَ لِهَذَا دُونَ ذَاكَ، وَقِيلَ: بِالْعَكْسِ. فَإِذَا جَوَّزْنَا لِلْعَطَشِ، فَوَجَدَ خَمْرًا وَبَوْلًا شَرِبَ الْبَوْلَ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ أَخَفُّ. كَمَا لَوْ وَجَدَ بَوْلًا وَمَاءً نَجِسًا، شَرِبَ الْمَاءَ، لَأَنَّ نَجَاسَتَهُ طَارِئَةٌ. وَمَا سِوَى الْمُسْكِرِ مِنَ النَّجَاسَاتِ، يَجُوزُ التَّدَاوِي بِهِ كُلِّهِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَعْرُوفِ. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ إِلَّا بِأَبْوَالِ الْإِبِلِ. وَفِي جَوَازِ التَّبَخُّرِ بِالدَّنِّ الَّذِي فِيهِ خَمْرٌ وَجْهَانِ بِسَبَبِ دُخَّانِهِ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ: الْجَوَازُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ دُخَانُ نَفْسِ النَّجَاسَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الثَّامِنَةُ: إِذَا وَجَدَ الْمُضْطَرُّ طَعَامًا حَلَالًا لِغَيْرِهِ فَلَهُ حَالَانِ.

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَالِكُهُ حَاضِرًا. فَإِنْ كَانَ مُضْطَرًّا إِلَيْهِ، فَهُوَ أَوْلَى بِهِ، وَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ أَخْذُهُ مِنْهُ إِذَا لَمْ يَفْضُلْ عَنْ حَاجَتِهِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا، فَإِنْهُ يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ بَذْلُهُ [لَهُ] ، فَإِنْ آثَرَ الْمَالِكُ غَيْرَهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَقَدْ أَحْسَنَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) . وَإِنْمَا يُؤْثِرُ عَلَى نَفْسِهِ مُسْلِمًا. فَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يُؤْثِرُهُ حَرْبِيًّا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا، وَكَذَا لَا يُؤْثِرُ بَهِيمَةً عَلَى نَفْسِهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَالِكُ مُضْطَرًّا لَزِمَهُ إِطْعَامُ الْمُضْطَرِّ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمِنًا وَكَذَا لَوْ كَانَ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي ثَانِي الْحَالِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَأْخُذَهُ قَهْرًا أَوْ يُقَاتِلَهُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَتَى الْقِتَالُ عَلَى نَفْسِ الْمَالِكِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ. وَإِنْ قَتَلَ الْمَالِكُ الْمُضْطَرَّ فِي الدَّفْعِ عَنْ طَعَامِهِ، لَزِمَهُ الْقِصَاصُ. وَإِنْ مَنْعَهُ الطَّعَامُ فَمَاتَ جُوعًا فَلَا ضَمَانَ. قَالَ فِي «الْحَاوِي» : وَلَوْ قِيلَ: يَضْمَنُ كَانَ مَذْهَبًا. وَهَلِ الْقَدْرُ الَّذِي يَجِبُ عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015