يَحْرُمُ. وَالثَّالِثُ: مَا يُؤْكَلُ نَظِيرُهُ فِي الْبَرِّ، كَالْبَقَرِ وَالشَّاءِ، فَحَلَالٌ، وَمَا لَا، كَخِنْزِيرِ الْمَاءِ فِي كَلْبِهِ، فَحَرَامٌ. فَعَلَى هَذَا، مَا لَا نَظِيرَ لَهُ حَلَالٌ.
قُلْتُ: وَعَلَى هَذَا لَا يَحِلُّ مَا أَشْبَهَ الْحِمَارَ، وَإِنْ كَانَ فِي الْبَرِّ حِمَارُ الْوَحْشِ الْمَأْكُولِ، صَرَّحَ بِهِ صَاحِبَا «الشَّامِلِ» وَ «التَّهْذِيبِ» وَغَيْرُهُمَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِذَا أَبَحْنَا الْجَمِيعَ، فَهَلْ تَشْتَرِطُ الذَّكَاةُ، أَمْ تَحِلُّ مِيتَتُهُ؟ وَجْهَانِ: وَيُقَالُ: قَوْلَانِ، أَصَحُّهُمَا: تَحِلُّ مَيْتَتُهُ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: مَا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ وَفِي الْبَرِّ أَيْضًا، فَمِنْهُ طَيْرُ الْمَاءِ، كَالْبَطِّ وَالْأَوِزِّ وَنَحْوِهِمَا، وَهِيَ حَلَالٌ كَمَا سَبَقَ، وَلَا تَحِلُّ مِيتَتُهَا قَطْعًا. وَعَدَّ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْإِمَامُ، وَصَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» مِنْ هَذَا الضَّرْبِ الضُّفْدَعَ وَالسَّرَطَانَ، وَهُمَا مُحَرَّمَانِ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَذَوَاتُ السُّمُومِ حَرَامٌ قَطْعًا. وَيَحْرُمُ التِّمْسَاحُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَالسُّلَحْفَاةُ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَاعْلَمْ أَنَّ جَمَاعَةً اسْتَثْنَوُا الضُّفْدَعَ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي لَا تَعِيشُ إِلَّا فِي الْمَاءِ، تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ حَلُّ الْجَمِيعِ. وَكَذَا اسْتَثْنَوُا الْحَيَّاتِ، وَالْعَقَارِبِ. وَمُقْتَضَى هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّهَا لَا تَعِيشُ إِلَّا فِي الْمَاءِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا نَوْعُ كَذَا، وَنَوْعُ كَذَا. وَاسْتَثْنَى الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ، النِّسْنَاسَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ أَيْضًا. وَامْتَنَعَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ مُسَاعَدَتِهِ.
قُلْتُ: سَاعَدَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْأَصْلُ الرَّابِعُ: الْمُسْتَخْبَثَاتُ مِنَ الْأُصُولِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْبَابِ، فِي التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ، لِلِاسْتِطَابَةِ وَالِاسْتِخْبَاثِ. وَرَآهُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْأَصْلَ الْأَعْظَمَ الْأَعَمَّ، وَلِذَلِكَ افْتَتَحَ بِهِ الْبَابَ، وَالْمُعْتَمَدُ فِيهِ قَوْلَهُ تَعَالَى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ، قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ)
[الْمَائِدَةِ: 4] .