يَدْرِ أَجَعَلَهُ الْأَوَّلُ مُمْتَنِعًا أَمْ لَا، جَعَلْنَاهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ فَقِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يُحَرَّمَ هَذَا الصَّيْدُ؛ لِاجْتِمَاعِ مَا يَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ وَالتَّحْرِيمَ. وَبِتَقْدِيرِ الْحِلِّ، يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا، بَلْ لِمَنْ أَثْبَتَهُ. وَاخْتُلِفَ فِي الْجَوَابِ، فَقِيلَ: النَّصُّ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا أَصَابَ الْمَذْبَحَ، فَيَحِلُّ، سَوَاءً أَصَابَهُ الْأَوَّلُ أَوِ الثَّانِي، أَوْ عَلَى مَا إِذَا رَمَيَاهُ وَلَمْ يَمُتْ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ أَحَدُهُمَا، فَذَكَّاهُ، ثُمَّ اخْتَلَفَا فِيهِ. وَإِنْمَا كَانَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ فِي أَيْدِيهِمَا. وَقَدْ يُجْعَلُ الشَّيْءُ لِاثْنَيْنِ، وَإِنْ كُنَّا نَعْلَمُهُ فِي الْبَاطِنِ لِأَحَدِهِمَا، كَمَنْ مَاتَ عَنِ ابْنَيْنِ، مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ، وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ. وَحَمَلَ أَبُو إِسْحَاقَ النَّصَّ عَلَى ظَاهِرِهِ فَقَالَ: إِذَا رَمَيَاهُ مَاتَ، وَلَمْ يَدْرِ أَثَبَتَهُ الْأَوَّلُ، أَمِ الثَّانِي، كَانَ الْأَصْلُ بَقَاءَهُ عَلَى امْتِنَاعِهِ إِلَى أَنْ عَقَرَهُ الثَّانِي، فَيَكُونُ عَقْرُهُ ذَكَاةً، وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا لِاحْتِمَالِ الْإِثْبَاتِ مِنْ كِلَيْهِمَا وَلَا مِزْيَةَ. وَقِيلَ: فِي حِلِّهِ قَوْلَانِ كَمَسْأَلَةِ الْإِنْمَاءِ.

الْحَالُ الرَّابِعُ: إِذَا تَرَتَّبَ الْجُرْحَانِ وَحَصَلَ الْإِزْمَانُ بِمَجْمُوعِهِمَا، وَكُلُّ وَاحِدٍ لَوِ انْفَرَدَ لَمْ يُزْمِنْ، فَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: أَنَّ الصَّيْدَ لِلثَّانِي. وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا، وَرَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، فَإِنْ قُلْنَا: إِنْهُ لِلثَّانِي، أَوْ كَانَ الْجُرْحُ الثَّانِي مُزْمِنًا لَوِ انْفَرَدَ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَوَّلِ بِسَبَبِ جُرْحِهِ. فَلَوْ عَادَ بَعْدَ إِزْمَانِ الثَّانِي، وَجَرْحَهُ جِرَاحَةً أُخْرَى، نَظَرَ، إِنْ أَصَابَ الْمَذْبَحَ، فَهُوَ حَلَالٌ، وَعَلَيْهِ لِلثَّانِي مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ بِالذَّبْحِ، وَإِلَّا حُرِّمَ، وَعَلَيْهِ إِنْ ذَفَّفَ، قِيمَتُهُ مَجْرُوحًا بِجِرَاحَتِهِ الْأُولَى، وَجِرَاحَةِ الثَّانِي، وَكَذَا إِنْ لَمْ يُذَفِّفْ وَلَمْ يَتَمَكَّنِ الثَّانِي مِنْ ذَبْحِهِ، فَإِنْ تَمَكَّنَ وَتَرَكَ الذَّبْحَ، عَادَ الْخِلَافُ السَّابِقُ، فَعَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لَيْسَ عَلَى الْأَوَّلِ إِلَّا أَرْشُ الْجِرَاحَةِ الثَّانِيَةِ، لِتَقْصِيرِ الْمَالِكِ، وَعَلَى أَصَحِّهِمَا: لَا يُقْصَرُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ. وَعَلَى هَذَا، فَفِي وَجْهٍ: عَلَيْهِ نِصْفُ الْقِيمَةِ. وَخَرَّجَهُ جَمَاعَةٌ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ جَرَحَ عَبْدًا مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ فَجَرَحَهُ سَيِّدُهُ، ثُمَّ عَادَ الْأَوَّلُ وَجَرَحَهُ ثَانِيَةً وَمَاتَ مِنْهُمَا وَفِيمَا يَلْزَمُهُ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: ثُلُثُ الْقِيمَةِ. وَالثَّانِي: رَبُعُهَا، قَالَهُ الْقَفَّالُ. فَعَلَى هَذَا، يَجِبُ هُنَا رُبْعُ الْقِيمَةِ. وَعَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015