وَمِنْهَا: أَنْ يَجْرَحَهُ جِرَاحَةً مُذَفِّفَةً، أَوْ يَرْمِيَهُ فَيُثْخِنَهُ وَيُزْمِنَهُ، فَيَمْلِكَهُ، وَكَذَا إِنْ كَانَ طَائِرًا فَكَسَرَ جَنَاحَهُ، فَعَجَزَ عَنِ الطَّيَرَانِ وَالْعَدْوِ جَمِيعًا. وَيَكْفِي لِلتَّمَلُّكِ إِبْطَالُ شِدَّةِ الْعَدْوِ وَصَيْرُورَتِهِ بِحَيْثُ يَسْهُلُ لَحَاقُهُ. وَلَوْ جَرَحَهُ فَعَطِشَ فَثَبَتَ، لَمْ يَمْلِكْهُ إِنْ كَانَ الْعَطَشُ لِعَدَمِ الْمَاءِ. وَإِنْ كَانَ لِعَجْزِهِ عَنِ الْوُصُولِ إِلَى الْمَاءِ، مَلَكَهُ؛ لِأَنَّ عَجَزَهُ بِالْجِرَاحَةِ.
وَمِنْهَا: وُقُوعُهُ فِي شَبَكَةٍ مَنْصُوبَةٍ لَهُ. فَلَوْ طَرَدَهُ طَارِدٌ فَوَقَعَ فِي الشَّبَكَةِ، فَهُوَ لِصَاحِبِ الشَّبَكَةِ، لَا لِلطَّارِدِ. وَفِي «الْحَاوِي» : أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ فِي شَبَكَةٍ ثُمَّ تَقَطَّعَتْ فَأَفْلَتَ الصَّيْدُ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِقَطْعِ الصَّيْدِ الْوَاقِعِ، عَادَ مُبَاحًا، فَيَمْلِكُهُ مَنْ صَادَهُ، وَإِلَّا، فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِ الشَّبَكَةِ، فَلَا يَمْلِكُهُ غَيْرُهُ. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي «الْوَسِيطِ» فِي بَابِ النَّثْرِ: لَوْ وَقَعَ فِي شَبَكَتِهِ فَأَفْلَتَ، لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَلَى الصَّحِيحِ.
وَمِنْهَا: إِذَا أَرْسَلَ كَلْبًا فَأَثْبَتَ صَيْدًا، مَلَكَهُ، فَلَوْ أَرْسَلَ سَبْعًا آخَرَ فَعَقَرَهُ وَأَثْبَتَهُ، قَالَ فِي «الْحَاوِي» : إِنْ كَانَ لَهُ يَدٌ عَلَى السَّبْعِ، مَلَكَهُ كَإِرْسَالِ الْكَلْبِ، وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ أَفْلَتَ الصَّيْدُ بَعْدَمَا أَخَذَهُ الْكَلْبُ، فَفِي «الْبَحْرِ» : أَنَّ بَعْضَ الْأَصْحَابِ قَالَ: إِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ صَاحِبُهُ، لَمْ يَمْلِكْهُ، وَإِلَّا، فَوَجْهَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَلَا زَالَ امْتِنَاعُهُ.
قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: لَا يَمْلِكُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمِنْهَا: إِذَا أَلْجَأَهُ إِلَى مَضِيقٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الِانْفِلَاتِ مِنْهُ، مَلَكَهُ. وَذَلِكَ بِأَنْ يُدْخِلَهُ بَيْتًا وَنَحْوَهُ. وَقَدْ يَرْجِعُ جَمِيعُ هَذَا إِلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، فَيُقَالُ: سَبَبُ مِلْكِ الصَّيْدِ إِبْطَالُ امْتِنَاعِهِ وَحُصُولُ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالطُّرُقِ الْمَذْكُورَةِ.