الرُّكْنُ الرَّابِعُ: نَفْسُ الذَّبْحِ، وَعَقْرُ الصَّيْدِ.
أَمَّا نَفْسُ الذَّبْحِ، فَسَبَقَ فِي بَابِ الْأُضْحِيَّةِ. وَأَمَّا الْعَقْرُ الَّذِي يُبِيحُ الصَّيْدَ بِلَا ذَكَاةٍ، فَهُوَ الْجُرْحُ الْمَقْصُودُ الْمُزْهِقُ الْوَارِدُ عَلَى حَيَوَانٍ وَحْشِيٍّ. أَمَّا الْجُرْحُ، فَيَخْرُجُ عَنْهُ الْخَنْقُ وَالْوَقْذُ وَنَحْوَهُمَا. وَأَمَّا الْقَصْدُ، فَلَهُ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ:
الْأُولَى: قَصْدُ أَصْلِ الْفِعْلِ الْجَارِحِ. فَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ سِكِّينٌ، فَسَقَطَ فَانْجَرَحَ بِهِ صَيْدٌ وَمَاتَ، أَوْ نَصَبَ سِكِّينًا أَوْ مِنْجَلًا أَوْ حَدِيدَةً فَانْعَقَرَ بِهِ صَيْدٌ وَمَاتَ أَوْ كَانَ فِي يَدِهِ سِكِّينٌ فَاحْتَكَّتْ بِهَا شَاةٌ، فَانْقَطَعَ حُلْقُومُهَا، أَوْ وَقَعَتْ عَلَى حَلَقِهَا فَقَطَعَتْهُ، فَهِيَ حَرَامٌ. وَحُكِيَ وَجْهٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: أَنَّهُ تَحِلُّ الشَّاةُ فِي صُورَةِ وُقُوعِ السِّكِّينِ مِنْ يَدِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الصَّيْدَ فِي مَعْنَاهَا، وَهَذَا الْوَجْهُ شَاذٌّ ضَعِيفٌ. وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ حَدِيدَةٌ فَحَرَّكَهَا، وَحَكَّتِ الشَّاةُ أَيْضًا حَلْقَهَا بِالْحَدِيدَةِ فَحَصَلَ انْقِطَاعُ حَلْقِهَا بِالْحَرَكَتَيْنِ، فَهِيَ حَرَامٌ.
فَرْعٌ
إِذَا اسْتَرْسَلَ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ بِنَفْسِهِ، فَقَتَلَ صَيْدًا، فَهُوَ حَرَامٌ. فَلَوْ أَكَلَ مِنْهُ، لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي كَوْنِهِ مُعَلَّمًا، بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْمَا يُعْتَبَرُ الْإِمْسَاكُ إِذَا أَرْسَلَهُ صَاحِبُهُ. وَلَوْ زَجَرَهُ صَاحِبُهُ لِمَا اسْتَرْسَلَ، فَانْزَجَرَ وَوَقَفَ، ثُمَّ أَغْرَاهُ فَاسْتَرْسَلَ وَقَتَلَ الصَّيْدَ، حَلَّ بِلَا خِلَافٍ. وَإِنْ لَمْ يَنْزَجِرْ وَمَضَى عَلَى وَجْهِهِ، لَمْ يَحِلَّ، سَوَاءٌ زَادَ عَدْوُهُ وَحِدَّتُهُ أَمْ لَا. فَلَوْ لَمْ يَزْجُرْهُ، بَلْ أَغْرَاهُ، فَإِنْ لَمْ يَزِدْ عَدْوُهُ فَحَرَامٌ. وَكَذَا إِذَا زَادَ عَلَى الْأَصَحِّ. فَإِنْ كَانَ الْإِغْرَاءُ وَزِيَادَةُ الْعَدْوِ بَعْدَمَا زَجَرَهُ، فَلَمْ يَنْزَجِرْ، فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ، وَأَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ، وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ. وَلَوْ أَرْسَلَ مُسْلِمٌ كَلْبًا، فَأَغْرَاهُ مَجُوسِيٌّ فَازْدَادَ عَدْوُهُ، فَإِنْ قُلْنَا فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ: لَا يَنْقَطِعُ حُكْمُ