يَكْفِي جَرْحٌ يُفْضِي إِلَى الزَّهُوقِ كَيْفَ كَانَ. وَالثَّانِي: لَا بُدَّ مِنْ جُرْحٍ مُذَفَّفٍ، وَاخْتَارَهُ الْقَفَّالُ، وَالْإِمَامُ.
إِذَا أَرْسَلَ سِلَاحًا، كَسَهْمٍ، وَسَيْفٍ، وَغَيْرِهِمَا، أَوْ كَلْبًا مُعَلَّمًا عَلَى صَيْدٍ، فَأَصَابَهُ، ثُمَّ أَدْرَكَ الصَّيْدَ حَيًّا، نَظَرَ، إِنْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، بِأَنْ كَانَ قَطَعَ حُلْقُومَهُ وَمَرِّيئَهُ، أَوْ أَجَافَهُ، أَوْ خَرَقَ أَمْعَاءَهُ، فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُمِرَّ السِّكِّينَ عَلَى حَلْقِهِ لِيُرِيحَهُ. فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، وَتَرْكَهُ حَتَّى مَاتَ، فَهُوَ حَلَالٌ، كَمَا لَوْ ذَبَحَ شَاةً فَاضْطَرَبَتْ أَوْ عَدَتْ. وَإِنْ بَقِيَتْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، فَلَهُ حَالَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتَعَذَّرَ ذَبْحُهُ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْ صَائِدِهِ حَتَّى يَمُوتَ، فَهُوَ حَلَالٌ أَيْضًا، لِلْعُذْرِ. وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَتَعَذَّرَ ذَبْحُهُ، فَتَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ، أَوْ تَعَذَّرَ بِتَقْصِيرِهِ فَمَاتَ، فَهُوَ حَرَامٌ، كَمَا تَرَدَّى بَعِيرٌ فَلَمْ يَذْبَحْهُ حَتَّى مَاتَ.
فَمِنْ صُوَرِ الْحَالِ الْأَوَّلِ أَنْ يَشْغَلَ بِأَخْذِ الْآلَةِ وَسَلِّ السِّكِّينَ، فَيَمُوتُ قَبْلَ إِمْكَانِ ذَبْحِهِ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَمْتَنِعَ بِمَا فِيهِ مِنْ بَقِيَّةِ قُوَّةٍ، وَيَمُوتُ قَبْلَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ.
وَمِنْهَا: أَنْ لَا يَجِدَ مِنَ الزَّمَانِ مَا يُمْكِنُ الذَّبْحُ فِيهِ.
وَمِنْ صُوَرِ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونُ مَعَهُ آلَةُ ذَبْحٍ، أَوْ تَضِيعُ آلَتُهُ مِنْهُ، فَلَوْ نَشِبَتْ فِي الْغِمْدِ، فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إِخْرَاجِهَا حَتَّى مَاتَ، فَهُوَ حَرَامٌ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ أَنْ يَسْتَصْحِبَ غِمْدًا يُوَاتِيهِ. وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالطَّبَرِيُّ: يَحِلُّ. وَلَوْ غُصِبَتِ الْآلَةُ، فَالصَّيْدُ حَرَامٌ عَلَى الْأَصَحِّ. وَالثَّانِي: تَحِلُّ كَمَا لَوْ لَمْ يَصِلْ إِلَى الصَّيْدِ لَسَبْعٍ حَائِلٍ حَتَّى مَاتَ، قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَلَوِ اشْتَغَلَ بِطَلَبِ الْمَذْبَحِ فَلَمْ يَجِدْهُ حَتَّى مَاتَ، فَهُوَ حَلَالٌ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا لَوِ اشْتَغَلَ بِتَحْدِيدِ السِّكِّينِ،