الْحَيَوَانُ الْمَأْكُولُ، إِنْمَا يَصِيرُ مُذَكَّى بِأَحَدِ طَرِيقَيْنِ. أَحَدُهُمَا: الذَّبْحُ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ، وَذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي: الْعَقْرُ الْمُزْهِقُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ، وَذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ. ثُمَّ الذَّبْحُ وَالْعَقْرُ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ:
الْأَوَّلُ: الذَّابِحُ، وَالْعَاقِرُ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا. وَتَحِلُّ ذَبِيحَةُ الْكِتَابِيِّ، سَوَاءً فِيهِ مَا يَسْتَحِلُّهُ الْكِتَابِيُّ، وَمَا لَا. وَحَقِيقَةُ الْكِتَابِيِّ تَأْتِي فِي كِتَابِ النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. تَعَالَى. وَفِي ذَبِيحَةِ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الْكِتَابِيِّ وَالْمَجُوسِيَّةِ، قَوْلَانِ، كَمُنَاكَحَتِهِ، وَالْمُنَاكَحَةُ وَالذَّبِيحَةُ، لَا يَفْتَرِقَانِ، إِلَّا أَنَّ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ، تَحِلُّ ذَبِيحَتُهَا دُونَ مُنَاكَحَتِهَا. وَلَوْ صَادَ مَجُوسِيٌّ سَمَكَةً، حَلَّتْ؛ لِأَنَّ مِيتَتَهَا حَلَالٌ. وَكَمَا تَحْرُمُ ذَبِيحَةُ الْمَجُوسِيِّ، وَالْوَثَنِيِّ، وَالْمُرْتَدِّ، وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَا كِتَابَ لَهُ، يَحْرُمُ صَيْدُهُ بِسَهْمٍ، أَوْ كَلْبٍ. وَيَحْرُمُ مَا يُشَارِكُ فِيهِ مُسْلِمًا. فَلَوْ أَمَرَّا سِكِّينًا عَلَى حَلْقِ شَاةٍ، أَوْ قَطَعَ هَذَا بَعْضَ الْحُلْقُومِ، وَهَذَا بَعْضَهُ، أَوْ قَتَلَا صَيْدًا بِسَهْمٍ أَوْ كَلْبٍ، فَهُوَ حَرَامٌ. وَلَوْ رَمَيَا سَهْمَيْنِ، أَوْ أَرْسَلَا كَلْبَيْنِ، فَإِنْ سَبْقَ سَهْمُ الْمُسْلِمِ أَوْ كَلْبُهُ، فَقَتَلَ الصَّيْدَ، أَوْ أَنْهَاهُ إِلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، حَلَّ، كَمَا لَوْ ذَبَحَ مُسْلِمٌ شَاةً، ثُمَّ قَدَّهَا الْمَجُوسِيُّ. وَإِنْ سَبَقَ مَا أَرْسَلَهُ الْمَجُوسِيُّ، أَوْ جَرَحَاهُ مَعًا، أَوْ مُرَتَّبًا، وَلَمْ يَذْفُفْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، فَهَلَكَ بِهِمَا، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَيُّهُمَا قَتَلَهُ، فَحَرَامٌ.
وَقَالَ صَاحِبُ «الْبَحْرِ» : مَتَى اشْتَرَكَا فِي إِمْسَاكِهِ وَعَقْرِهِ، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا، وَانْفَرَدَ وَاحِدٌ بِالْآخَرِ، أَوِ انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ بِأَحَدِهِمَا، فَحَرَامٌ. وَلَوْ كَانَ لِمُسْلِمٍ كَلْبَانِ مُعَلَّمٌ وَغَيْرُهُ،