لمّا بلغ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثنيّة الوداع في هجرته استقبله الجواري يضربن بالدفوف ويغنّين ويقلن:
طلع البدر علينا ... من ثنيّات الوداع
وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داع
دخل الشعبيّ وليمة فأقبل على أهلها فقال: ما لكم كأنكم جمعتم على جنازة، أين الغناء والدفّ؟. قيل لأبي حنيفة وسفيان: ما تقولان في الغناء؟
فقالا: ليس من الكبائر ولا من أسوأ الصغائر. قيل: لا يكره الغناء إلا من عرضت له آفة في حاسّته، كما لا يكره الطيب إلّا من في شمّه آفة. وقيل: من سمع الغناء ولم يرتح له كان عديم الحسّ، أو سقيم النفس.
ومن سمع الغناء بغير قلب ... ولم يطرب فلا يلم المغنّي
وقيل: الغناء غذاء الأرواح كما أنّ الأطعمة غذاء الأشباح، وهو يصفّي الفهم، ويرقّق الذهن، ويليّن العريكة، ويثني الأعطاف، ويشجّع الجبان، ويسخّي البخيل. بعض العلماء: الأمّ تناغي الصبيّ فيقبل سمعه على مناغاتها، وإذا اصطادوا الفيلة جمعوا لها الملاهي والمغنّين فتلهى عن رعيها وتسهو عن الهرب حتى تؤخذ وتخطم «1» ، والإبل تزداد نشاطا بالحدو، وتسرع وتلتفت يمنة