وهذا المنهج السابق يجعل «صحيح البخاري» كله في متناول يدك، بالإضافة إلى تمييز المتفق عليه بين الروايات والمختلف فيه ونسبة كل اختلاف إلى المروي عنه، بحيث تستطيع لو أردت أن تجمع كل رواية على حدة لفعلت.
أما أن تجمع كل الروايات في متن واحد مع عدم التمييز بينها، فهذا كمن يعمد إلى كتاب من الكتب، ويجمع فيها كل الزيادات والفروق بين النسخ ولا يميز بينها، وهو ما لا يليق بهذا الكتاب وهو أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى.
وكتاب «الجامع الصحيح» للبخاري يستحق الرجوع به إلى الرواة الأول عنه، فتميز رواية الفربري، عن رواية حماد بن شاكر، عن رواية إبراهيم بن معقل النسفي، وهكذا، وتجاهل هذه الفروق بين النسخ أوقع كثيرًا من الإشكالات الكبرى التي نجدها تزول بمجرد الرجوع إلى الروايات الأولى، والتي حدثت نتيجة لخلط المتأخرين بين الروايات.
ولعل الله يهيئ لهذا الكتاب جهة من الجهات المعنية بتحقيق التراث أو الحديث، وتخرج لنا عملًا متكاملًا بإسناده إلى فريق من المتخصصين في التراث وفي الحديث مع توفير الإمكانات اللازمة لجمع أكبر عدد ممكن من المخطوطات التي ترجع إلى الروايات الأولى، نسأل الله ذلك، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وفي الختام أقول: إن هناك كثيرًا من النتائج التي تتبين للقارئ وتظهر في ثنايا البحث مما يغني عن إعادته هنا.