وقد تنبه المحدثون لخطورة التحديث وقت الاختلاط وتمييز ذلك عن غيره فعقدوا له أبوابًا خاصة في كتب المصطلح وعلوم الحديث، وحدد بعضهم السن الذي يجب فيه الامتناع عن التحديث؛ لأنه مظنة الاختلاط بسب كبر السن.

قال الرامهرمزي: فإذا تناهى العمر بالمحدث، فأعجب إليَّ أن يمسك في الثمانين؛ فإنه حد الهرم، والتسبيح والاستغفار أولى بأبناء الثمانين، فإن كان عقله ثابتًا ورأيه مجتمعًا، يَعرِفُ حدثيه ويقوم به وتحرى أن يحدث احتسابًا، رجوت له خيرًا. (?).

وقال الخطيب: إذا بلغ الراوي حد الهَرَم والحالة التي في مثلها يَحْدُثُ الحذَفَ، فيستحَب له ترك الحديث والاشتغال بالقراءة والتسبيح، وهكذا إذا عمي بصره، وخشي أن يُدْخَلَ في حديثه ما ليس منه حال القراءة عليه فالأولى أن يقطع الرواية، ويشتغل بما ذكرناه من التسبيح والقراءة. اهـ. (?).

ونظرًا لخطورة الاختلاط على المرويات فقد ذكر المحدثون الرُّواة المختلطين أثناء ترجمتهم، فكثيرًا ما تجد في عبارات الجرح والتعديل: فلان اختلط في آخرة. وقد يذكرون نوع الاختلاط كما قيل في ابن لهيعة: اختلط؛ لاحتراق كتبة وغير ذلك.

بل إنهم قد ميزوا عند الرُّواة المختلطين سنة الاختلاط ومن حدث عنهم قبل الاختلاط وبعده؛ حتى تقبل روايته عنه قبل الاختلاط، وترد بعد الاختلاط، وذلك منهم غاية في التحري والدقة والصيانة للمرويات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015