وإذا كان الإمام البخاري قد أطال في تسمية كتابه، فقد جعل اسمه بهذا الطول غير المألوف عنوانا دقيقا شاملًا لكل مزايا الكتاب وخصائصه وموضحًا لمنهجه في تأليفه.

فهو جامع حيث لم يقتصر على أحاديث موضوع واحد، وإنما نوّع في موضوعاته وجعله شاملًا لكثير من الفروع من العلم في الأحكام والفضائل والآداب والرقائق والتفسير والأخبار .. إلخ، حتى وصلت أبوابه إلى أكثر من ثلاثة آلاف وأربعمائة بابًا، جمع فيها قدرًا لا بأس به لتحقيق ما زاد من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسننه وأيامه.

وهو صحيح في كل ما أورده من أحاديثه الأصول، وهي التي أخرجها في متون الأبواب موصولة السند إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأفردها بطابع وصيغة محددة عنده، وهي التصريح بقوله: حدثنا، والعنعنة بشرطها الذي التزمه وتشدد فيه، فكل حديث ورد في كتابه على هذا النحو فهو صحيح عنده.

ولا يعكر على وصف الكتاب بالصحة أنه اشتمل على أحاديثَ أخرى ليست من شرطه؛ لأنه قد ميز ذلك، حيث ميز الأحاديث المسندة عن المعلقات والنقول الأخرى، وعلى اعتبار تميز المسند الصحيح، يجب أن نفسر ما رواه إبراهيم بن معقل النَّسفي من قوله: ما أدخلت في كتابي «الجامع» إلا ما صح بأن المراد أنه لم يدخله على هذا النحو، وبهذا الطابع من وصله على الطريقة المعنية، ويؤكد صحة هذا التفسير ما رواه الإسماعيلي من قوله: لم أخرج في هذا الكتاب إلا صحيحًا.

وهو مسند بالنظر إلى أحاديثه الأصول أيضًا، فهو لم يورد في الكتاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015