أصحابها ملازمتهم لشيوخهم في ذلك، ولعل الفربري (320) هـ من أكثر الأمثلة للدلالة على هذا الأمر حيث سمع «الصحيح» من البخاري في ثلاث سنين مرتين وقيل ثلاث مرات على ما سبق توضيحه في رواية الفربري.
ومن هذه الأمثلة أيضًا تفصيل العلماء الرواية ابن سعادة الأندلسي لملازمته، لشيخه وصهره أبي علي الصدفي وغير ذلك.
كانت الرواية في القرنين الأول والثاني جل الاعتماد فيها على الذاكرة، فلما بعد الإسناد وقلت الهمم بدأ الاعتماد على الكتابة، ثم جاء عصر التصنيف، وأصبح المعول عليه الكتاب أو النسخة مضافًا إلى الحفظ، ولذلك نجد المحدثين اعتنوا عنايةً تامةً بكتابة الحديث وضبطه وتقييده، حتى جعلوه عِلمًا من علوم الحديث، وقد سبق في التمهيد الحديث عن ضوابط كتابة الحديث عند المحدثين.
فكانت عناية المحدث بنسخته ومعارضتها، من أهم عوامل الترجيح بين الروايات لـ «الصحيح»، ولا يتأتى ذلك إلا لمن رزقه الله التبحر في الحديث وعلومه.
فإذا انضم إلى المعارضة أو المقابلة اقتناء نسخة الشيخ التي حدَّث منها، كان لذلك الأثر البالغ في تقديم هذه الرواية، ولذلك كانت رواية الفربري (320) هـ الرواية عن البخاري أصح الروايات وأكثرها انتشارًا لوجود أصل «الصحيح» معه.
كما تميزت رواية أبي مكتوم ابن أبي ذر الهروي (497) هـ لوجود أصل أبيه معه حتى باعه لأحد أمراء المغرب.