ولذلك فإن كثيرًا من الروايات المشهورة من «صحيح البخاري»، - خاصة بعد طول الإسناد - كانت عالية الإسناد.
ومن أعلى الأسانيد في رواية «الصحيح» رواية ابن الملقن التي اعتمد عليها في شرحه «التوضيح».
وذلك لأن غالب رواته رووه في الصغر؛ فأبو الوقت سمعه في السابعة وكذا الحجار، والزبيدي في الثامنة، والداودي دون العشرين، ونحوه الفربري والحموي، وعمّروا أيضًا فالداودي وأبو الوقت جاوزا التسعين والباقون قاربوها، والحجار جاوز المائة (?).
وابن الملقن روى «الصحيح» عن أبي العباس أحمد بن أبي طالب الحجار (730)، عن الزبيدي (631) هـ، عن أبي الوقت (553) هـ، عن الداودي (467) هـ، عن الحموي (381) هـ عن الفربري (230) هـ عن البخاري (256) هـ.
سبق أن ذكرت في التمهيد أن أوجه التحمل متفاوتة في القوة، وهي ثمانية أوجه، وبعض هذه الأوجه اتفق العلماء على العمل به وقبوله، وبعضها اختلف فيه العلماء بين القبول والردِّ، وبعضها ردَّه العلماء بالاتفاق.
ولا شك أن أرفعها: السماع من لفظ الشيخ، ثم القراءة على الشيخ وتسمى عرْضًا، ثم الإجازة، ثم المناولة .. إلخ أوجه التحمل.
فالرواية التي تحملها صاحبها بالسماع من لفظ شيخه أرفع من القراءة فقط وهكذا.