ثانيًا: التفاوت في الضبط:
يعد التفاوت في الضبط أصلًا لوقوع كثير من الاختلاف بين الرواة؛ ذلك لأن شروط الضبط: اليقظة والحفظ، أو ضبط الكتاب، والعلم بما يحيل الألفاظ عن معانيها في حال الرواية بالمعنى، وقد لا تجتمع في بعض الحالات، كما أن كل شرط منها على حدة قابل للتجزؤ والتفاوت.
قال الشافعي (204) هـ رحمه الله تعالى:
وأهل الحديث متباينون: فمنهم المعروف بعلم الحديث، بطلبه وسماعه من الأب والعم وذوي الرحم والصديق، وطول مجالسة أهل التنازع فيه، ومن كان هكذا مقدمًا في الحفظ، إن خالفه من يقصر عنه كان أولى أن يقبل حديثه ممن خالفه من أهل التقصير عنه، ويعتبر على أهل الحديث بأن إذا اشتركوا في الحديث عن الرجل بأن يستدل على حفظ أحدهم بموافقة أهل الحفظ، وعلى خلاف حفظه بخلاف حفظ أهل الحفظ له، وإذا اختلفت الرواية استدللنا على المحفوظ منها والغلط بهذا، ووجوه سواه تدل على الصدق والحفظ والغلط (?).
وأسباب اختلاف الرواة في الضبط يرجع إلى سببين إجماليين:
الأول: أمر يتعلق بالوَهْب من الله الوهاب، فالحفظ والضبط من نعم الله تعالى وفضله على خلقه، يتفضل بها على من يشاء من عباده.
الثاني: أمر يتعلق بالكسب والاجتهاد: وذلك أن تلقِّي الراوي عن شيخه يقع ضمن ظروف متعددة تحيط بكل من الشيخ والطالب، وهذه الظروف قد تكون شخصية، وقد تكون زمانية، وقد وتكون مكانية، وغير