والأكابر، وكان مستقيم الرأي، حاضر الذهن، ولم نر في سنه مثل سنده، وكان شيخًا صالحًا سنيًا، قارئًا للقرآن، قد صحب الأشياخ، وعاش حتى ألحق الصغار بالكبار، ورأى من رئاسة التحديث ما لم يره أحد من أبناء جنسه، وسمع منه من لم يرغب في الرِّواية قبله، وكان آخر من روى في الدنيا عن الدّاوُدِيّ وبقية أشياخه.
وقرئت الكتب التي معه كلها عليه والأجزاء مرات في عدة مواضع، وسمعها منه ألوف من الناس، وصل بغداد في حادي عشر شوال سنة اثنتين وخمسين، صحب شيخ الإسلام نيفا وعشرين سنة.
وذكره السَّمْعاني فقال: شيخ صالح، حسن السمت والأخلاق، متودد، متواضع، سليم الجانب، استسعد بصحبة الإمام عبد الله الأنصاري وخدمه مدة، وسافر إلى العراق، وخوزستان، والبصرة، وقدم بغداد، ونزل رباط البسطامي، فيما ذكره لي وسمعت منه بهراة، ومالين. وكان صبورًا على القراءة، محبًّا للرِّواية.
وفاته: توفي في سادس ذي القَعدة ببغداد سنة خمسمائة وثلاث وخمسين، ودفن بالشونيزية عن نيف وتسعين سنة. وكان آخر كلمة قالها: {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ* بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ}.